العين الثالثة – ضياء الدين بلال – شُكراً لهم…

أمرٌ مُحزنٌ ومُفجعٌ، ما حدث من قتلٍ بشعٍ لمجموعة من شرطة الجمارك وهي تؤدي واجبها المُقدّس.
ضابط برتبة ملازم أول وأربعة أفراد في زهرة الشباب، كانوا في مُطاردة مُهرِّبي سلاح بالولاية الشمالية.
تعرّضوا لكمينٍ ماكرٍ من قِبل عصابة مارقة من مُهرِّبي الأسلحة، تفوّقوا عليهم بالعتاد وقوة النيران والمعلومات.
حسب ما علمت، لم يكتفِ المجرمون بالقتل، ولكن تحسّسوا أنفاس المُصابين واجهزوا عليهم بكل قسوة ووحشية.

-٢-

الأبطال شهداء الواجب، يستحقون أرفع أوسمة وأنواط الشجاعة والفداء.
وكان يجب أن يتم نعيهم وتكريمهم من قِبل القيادة السيادية العليا والتنفيذية، وتطلق أسماؤهم على القاعات والميادين.
فهم أحق بذلك من الرتب الرفيعة السابقة التي تم إطلاق أسماء قادتها على القاعات والمجمعات.
أما أولئك المجرمون الهاربون من العدالة، فلا خيار سوى إلقاء القبض عليهم في أسرع وقت.. وتقديمهم لمُحاكمات علنية، يجدوا فيها العقاب الرادع والجزاء المُستحق حتى يكونوا عبرة لمن خلفهم.
أمرٌ محبطٌ أن تمر هذه الحادثة الفاجعة دُون أن تجد حقّها من التناول والإدانة على أوسع نطاق في المُجتمع.
ومفجعٌ أيضاً أن تمضي أرواح هؤلاء الأخيار دُون تكريم مُستحق وتقدير واجب.
ويجب ألا يكون تكريم الشهداء من الشرطة فقط، ولكن من كل المُجتمع.
وفي ذلك رسالة لكل من يحمون بأرواحهم مجتمعنا من جرائم تهريب الأسلحة والسلع والمُخدّرات.

-٣-

يجب أن نقول لهم بالصوت العالي: شُكراً لكم، نحن نُقدِّر ما تقدمونه لدولتكم وشعبكم من تضحيات عظيمة، رغم ضعف الإمكانيات وهزال المُقابل المادي والمعنوي.
الحادث الخطير يوضح بجلاءٍ، التطور الكبير الذي يشهده عالم الجريمة وما يصاحبه من عنف وقسوة.. يحدث ذلك في مقابل ضعف إمكانيات الجهات الشرطية، والأوضاع المعيشية الصعبة لضباطها وأفرادها، وهم يُواجهون مع عامة الشعب غول التضخم وتفاقُم الأسعار.

-٤-

لو أنّ هنالك جهة رسمية تستحق كل أنواع الدعم والإسناد، فهي الشرطة السودانية التي ظلّت لأكثر من (100) عام تقدم الغالي والنفيس من أجل الوطن والمُجتمع.
قبل أيامٍ، كنت أقوم بإجراء بعض المعاملات بمجمع خدمات الشرطة ببحري.
أصدقكم القول، لا يوجد مرفق في كل أجهزة الدولة يقدم خدمة فائقة الجودة مثل ما يحدث في هذه المجمعات.
في أقل زمن وفي أفضل بيئة خدمية، وأروع تعامل، بإمكانك إنجاز كل أوراقك الثبوتية، بعيداً عن اكليشيهات (أمشي وتعال بكرة)!

-أخيراً-
هذا لا يعني عدم وجود أخطاء وتجاوزات وتقصير في مسيرة الشرطة المديدة، ولكن كل ذلك لا ينتقص من دورها العظيم وعطائها المتميز.
تتغيّر الأنظمة وتتعدّد الحكومات، وتظل الشرطة في مكانها المحترم ومقامها الرفيع، تؤدي واجبها المُقدّس بكفاءةٍ واقتدارٍ.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى