الرادار – ابراهيم عربي – (محدمد هارون كافي) … رحل رجل السلام ..!

 
غيب الموت أمس الأحد 20 سبتمبر 2020 الجنرال محمد هارون كافي أبو راس (رجل السلام) عن عمر يناهز (70) عاما ، فقد رحل الرجل بهدوء بعد معاناة مع المرض ليست قصيرة ، فشلت دونها محاولات عديدة لمساعدته بإجراء عملية بألمانيا وقد ظل الفقيد يعاني جملة من التعقيدات المرضية وقد أجريت له عمليات بالداخل (رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا) إنا لله وإنا اليه راجعون .
رحل زميلنا الصحافي المطبوع الدكتور محمد هارون كافي أبو راس الكاتب والمؤلف والباحث  ومقدم البرامج الإذاعية ، رحل (رجل السلام) عقب سجل حافل من العمل المدني والعسكري ، وهو من مواليد حجر المك بمدينة كادقلي في العام 1949 حيث درس الأولية بمدرسة كادقلي الشرقية والغربية معاً ومن ثم الوسطي بمدرسة كاتشا والثانوية في مدرسة خور طقت (1964 – 1968) ، ومن بعدها عمل الرجل موظفا بدار الصحافة للطباعة والنشر في العام 1974وكان محرراً أيضاً في جريدة كردفان والرأي العام والصحافة وقد ابتعثته جريدة (الصحافة) في عمل صحفي خارج الحدود في ذات العام 1974 لبعض دول افريقيا .
ومن ثم تخريج محمد هارون كافي أبو راس من معهد البريد والبرق بالخرطوم ونال شهادة اتحاد البريد العالمي باروشا بتنزانيا في العام 1976 ، كما عمل مقدماً للتراث الشعبي في جبال النوبة في إذاعة ام درمان ، ونال محمد هارون كافي دبلوم الصحافة والكتابة من كلية ترانس وولد تيوتوريال ببريطانيا في العام 1981، ونال بكلاريوس العلوم الانسانية في كلية سكس للتقنية والدراسات الحرة في بريطانيا في العام 1983 .
كما نال الرجل دورات مكثفة في الأعمال الإنسانية وإدارة المنظمات الطوعية (اوكسفام واليونسكو) بجنوب السودان في العام 1991، وكينيا في الفترة (1994 – 1995) ومن ثم نال شهادة الماجستير في العلوم السياسية من جامعة جوبا في العام 1997 غير ان الأمراض حالت بينه والدكتوراة من معهد الدراسات الافريقية والاسوية بجامعة الخرطوم في دراسة عن (جبال النوبة المتحدة) .
يعتبر الفقيد محمد هارون كافي أبو راس أحد ضحايا الحروب في السودان ، وقد حالت الحرب بينه وأسرته التي شردت مابين جنوب السودان وكينيا ويوغندا والسودان  ، وانضم الرجل للحركة الشعبية كشخصية نوعية متميزة بطلب خاص من اادكتور جون قرنق شخصيا وكان مغتربا ساعتها ويعمل مترجما بالمملكة العربية السعودية ، وللرجل صولات وجولات مع الحرب ،عاد بعدها لحضن الوطن بموجب إتفاقية سويسرا للسلام في جبال النوبة / جنوب كردفان 1997 والتي وقعها باسم اللجنة المركزية للحركة الشعبية بجبال النوبة وبذلك أصبح الرجل من أوئل دعاة السلام في جبال النوبة .
علي كل جاءت إتفاقية سويسرا بالرجل وزير دولة للسياحة والبيئة (1998 – 1999) ومن ثم وزير دولة بديوان الحكم الاتحادي 1999 فأمينا عاما للمجلس الاعلي للسلام بجنوب كردفان (2002 – 2005) ومن ثم عضوا بالمجلس الوطني (2005 – 2010) واخيرا عضوا بصندوق دعم السلام والتنمية بجنوب كردفان ، غير أن الحكومة قد تنكرت لرفاقه أعضاء اللجنة المركزية ، فركلت الإتفاقية برجلها (كرتاً بايظاً) وتملصت من إتفاقها وتعهداتها . 
غير أن الدكتور محمد هارون كافي أبو راس كان وفيا لرفاقه ، فأصبح ضحية لأجل السلام بسبب أخطاء تطبيقات إتفاقيات السلام في السودان من قبل الحكومة السابقة ، إذ لم يجد (رجل السلام) من بد وإلا المزيد من التضحية، فصرف كافة إستحقاقاته ومدخرات رهق سنين غربته علي رفاقه باللجنة المركزية لجبال النوبة بسبب ذات الأخطاء والتباطؤ دون تنفيذات الترتيبات الأمنية ، والتي تعتبر مهددا لكافة الإتفاقيات السودانية ، ونأمل ألا تتكرر ذات التجربة السيئة الآن مع السلام لتقود البلاد إلي الهاوية .
رحل رجل السلام ولكن لابد من إشادة (من لايشكر الناس لا يشكر الله) ، فقد ظلت شيقته فوزية هارون كافي مرافقة له متنقلا من بيت إيجار لآخر مطرودا بسبب عجزه عن دفع مبلغ الإيجار حتي إستقر في الكلاكلة شرق بعد ان تكفل صندوق دعم السلام بذلك ، فكانت شقيقته فوزيه وشقيقه الجنرال نصر الدين هارون كافي الأقرب إليه حينما إفتقد رجل السلام أسرته الصغيرة منذ العام 1987 حتي وفاته (رحمة الله عليه).  
رحل رجل السلام تاركا سيرة عطرة تلوكها الألسن وقد ترك عدة مؤلفات تجسد افق الرجل وحبه للوطن وحبه الخاص لجنوب كردفان ارضا ومجتمعا رحمك الله الزميل محمد هارون كافي ابو راس ..(إنا لله وإنا اليه راجعون) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى