كلام سياسة الصافي سالم
في زمنٍ اختلطت فيه الأصوات، وتكسّرت فيه مؤسسات كثيرة تحت وطأة الحرب، برز الفريق مالك عقار إير، نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، لا بصفته مسؤولاً سيادياً فحسب، بل أباً روحياً وحضناً دافئاً للصحفيين والإعلاميين منذ اندلاع الحرب.لم تكن علاقة مالك عقار بالإعلام علاقة بروتوكولية عابرة، ولا لقاءات مناسبات تفرضها الضرورة، بل كانت علاقة إنسانية صادقة، قوامها الإيمان العميق بدور الصحافة في حماية الوعي الوطني، وصون الحقيقة، ومساندة الدولة في أصعب لحظاتها. فحين ضاقت السبل، وتشردت أسر، وتعثرت أقلام، كان عقار حاضراً بالفعل لا بالوعد، وبالفعل لا بالتصريح.في بورتسودان، فتح الرجل أبوابه وقلبه للصحفيين والصحفيات والإعلاميات، مقدماً المأوى والدعم والرعاية، دون منٍّ أو أذى، ودون ضجيج إعلامي أو سعي للثناء. فعل ذلك انطلاقاً من قناعة راسخة بأن الكلمة الحرة تستحق الحماية، وأن من يحملون همّ الوطن بالقلم والميكروفون هم شركاء في معركة الكرامة، لا متفرجون عليها.ظل نائب رئيس مجلس السيادة قريباً من الوسط الصحفي، مشاركاً في مناشطه، منصتاً لهمومه، داعماً لمبادراته، ومقدّراً لتضحياته في ظل ظروف قاسية، فقد فيها الإعلاميون الأمن والاستقرار، لكنهم لم يفقدوا الإحساس بالمسؤولية تجاه الوطن. ولم يُعرف عن مالك عقار يوماً أنه استخدم دعمه للإعلام كورقة ضغط أو وسيلة اصطفاف، بل ظل صديقاً نزيهاً، وأخاً أكبر، وراعياً حقيقياً للمهنة وأهلها.إن ما قدّمه الفريق مالك عقار للإعلاميين خلال هذه المرحلة العصيبة يرسّخ صورة مختلفة للقائد، صورة الإنسان قبل المسؤول، والأب قبل السياسي، وصاحب الضمير الحي قبل صاحب المنصب. وهي مواقف ستظل محفورة في ذاكرة الصحافة السودانية، شاهدة على أن الوطن لا يُحفظ بالسلاح وحده، بل بالكلمة الصادقة، ومن يحميها ويصون أهلها.
في زمن الحرب، تُختبر المعادن، وقد أثبت مالك عقار أن القيادة ليست سلطة فحسب، بل مسؤولية أخلاقية، وأن الإعلامي حين يجد من يحتضنه، يكون أقدر على أداء رسالته في خدمة الوطن والناس.
