يدين مرصد مشاد لحقوق الإنسان بأشد العبارات التطور الخطير الذي شهدته الساحة السودانية خلال الأيام الخمسة الماضية، والمتمثل في سماح قوات الدعم السريع لمجموعات وافدة من إفريقيا الوسطى والنيجر وتشاد بالدخول إلى الأراضي السودانية والاستقرار في مناطق المدنيين الذين جرى تهجيرهم قسرًا من قراهم في إقليم دارفور. وقد رصد المرصد من خلال مصادره وآلياته الميدانية دخول أكثر من ٢٠٠٠ أسرة أجنبية تحمل ماشيتها وممتلكاتها وتتخذ من المناطق التي فُرغت من سكانها الأصليين مواقع للاستيطان والتمركز، في انتهاك صارخ لسيادة السودان واعتداء مباشر على حقوق المجتمعات المحلية التي تعرّضت للنزوح القسري، بما يكشف عن وجود مخطط منظم لإعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية عبر إحلال مجموعات غير سودانية مكان السكان الأصليين الذين هُجّروا قسرًا.
ويؤكد المرصد أن هذا التطور الخطير يتجاوز كونه انتهاكًا فرديًا ليصل إلى مستوى الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، باعتباره جريمة تهجير قسري وجريمة تغيير ديمغرافي ممنهج وجريمة استيلاء غير مشروع على الأراضي والممتلكات، إضافة إلى كونه تهديدًا مباشرًا للأمن والسلم الإقليمي وتشويهًا للبنية الاجتماعية والثقافية والتاريخية لدارفور. إن التحركات الميدانية الأخيرة التي تسمح بدخول مستوطنين جدد وتمنحهم مواقع للاستقرار داخل أراضي المدنيين المهجّرين تمثل دليلًا واضحًا على أن الحرب الدائرة تجاوزت الطابع العسكري لتتحول إلى عملية استيطان قسري ممنهجة تستهدف الأرض والهوية والوجود، وتبرهن على حجم الانتهاكات والفظائع التي تُرتكب بحق المدنيين في دارفور.
ويطالب مرصد مشاد الحكومة السودانية بالتحرك العاجل لوقف هذه الممارسات الخطيرة، ومواجهة عمليات الاستيطان الأجنبي، ومنع أي جهات وافدة من إفريقيا الوسطى أو النيجر أو تشاد من الاستقرار داخل الأراضي التي أُخليت من سكانها، وضمان حماية سيادة السودان على أراضيه. كما يدعو الاتحاد الإفريقي والإيقاد والأمم المتحدة إلى فتح تحقيقات عاجلة وإيفاد بعثات مستقلة للتحقق من هذه الوقائع التي تُشكل جرائم دولية لا تسقط بالتقادم، ويحث المجتمع الدولي على عدم الصمت أمام هذه الجريمة المركّبة التي تستهدف المجتمعات المحلية في دارفور، واتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها وضمان عودة آمنة وكريمة للمدنيين إلى أراضيهم.
ويؤكد المرصد أن حقوق السكان الأصليين في دارفور غير قابلة للمساومة، وأن أي محاولة لفرض واقع استيطاني جديد ستظل باطلة وغير شرعية ومصنفة كجريمة دولية بكل المقاييس، وأن حماية المدنيين والحفاظ على وحدة الأراضي السودانية واجب إنساني وقانوني ودولي لا يحتمل التأجيل.
