وزارة الخارجيـة بين التجديدوالتحديات،: هل يحيي مُحيي الدين الدبلوماسيـة السودانيـة ؟

بقلم :عمـار العركـي

بتعيين السفير محيي الدين سالم أحمد إبراهيم وزيرًا للخارجية والتعاون الدولي وأدائه القسم أمام رئيس مجلس السيادة، يدخل السودان مرحلة دقيقة تتطلب من الخارجية أن تتحول إلى جبهة موازية لجبهات القتال، إذ لم يعد الميدان العسكري وحده هو الذي يحدد مسار الحرب ومآلاتها، بل أصبح الميدان الدبلوماسي ساحة لا تقل أهمية في تثبيت شرعية الدولة وصون سيادته
▪️تصريحات الوزير الأولى، التي حملت نبرة دفاع عن سيادة الوطن ودعوة مفتوحة إلى السلام مع من يستجيب له، تؤشر إلى رغبة في مزج خطاب المهادنة مع موقف صلب ضد التدخلات الخارجية، وهو مزيج مناسب إذا ما صاحبته إجراءات عملية وإعادة تنظيم داخلية حقيقية.
▪️ويواجه الوزير الجديد تحديات جسيمة في مقدمتها إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي بعد أن تضررت صورة السودان جراء الحرب وما صاحبها من حملات تضليل سياسية وإعلامية، كما يواجه تحدي التعامل مع واقع العزلة والضغوط، خصوصًا تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي وما ترتب على ذلك من فقدان منصة أساسية للتأثير الإقليمي
▪️ وتزداد صعوبة المهمة مع اشتداد التنافس بين المحاور الإقليمية وتعدد حساباتها، ما يفرض على الدبلوماسية السودانية أن تتحرك بذكاء لتحقيق التوازن دون الانجرار إلى سياسة الاصطفاف التي قد تزيد المشهد تعقيدًا
▪️وإلى جانب ذلك، يبرز ملف التدخلات الخارجية كأحد أكثر الملفات حساسية، إذ لا يمكن للسودان أن يحقق استقراره دون معالجة هذا البعد وإيصال رسالة واضحة بأن معركته هي معركة سيادة ضد أي محاولات للمساس بوحدته.
▪️وفي الوقت ذاته، يشكل الملف الإنساني تحديًا لا يقل خطورة، فهو البوابة التي يدخل منها العالم للنظر إلى السودان، الأمر الذي يفرض على الخارجية أن تقدم خطابًا سياسيًا متماسكًا يربط بين فرض الاستقرار في الداخل والقدرة على تهيئة المناخ لعودة المساعدات الإنسانية والدعم الدولي.
▪️ومن هنا فإن الأولوية العاجلة للوزير تتمثل في صياغة خطة دبلوماسية موحدة تتكامل مع جهود المؤسسات الأخرى، والتحرك الفاعل في المحيطين العربي والأفريقي لاستعادة موقع السودان الطبيعي، مع تعزيز الشراكات الاستراتيجية التي توازن علاقات السودان في الإقليم وتؤمن له سندًا سياسيًا واقتصاديًا.
▪️كما أن البيت الداخلي للوزارة نفسه يحتاج إلى إصلاح شامل يعيد ترتيب بيئة العمل ويُفعل طاقات الكوادر الدبلوماسية، من خلال فرق عمل متخصصة لكل ملف: لجنة للعلاقات الإقليمية، وأخرى للمنظمات الدولية، وثالثة للملف الإنساني، ورابعة للدبلوماسية الاقتصادية، بحيث تعمل جميعها وفق صلاحيات واضحة وإيقاع يومي سريع، بما يضمن تحويل الوزارة إلى منصة فاعلة وليست جهازًا مثقلًا بالأعباء.
▪️ *_خــلاصــة القــول ومـنتـهــاه :_*
في نهاية المطاف، يظل مفتاح الطريق إلى العالم بيد وزارة الخارجية، ويقع على عاتق الوزير محيي الدين سالم، الذي لا شك أنه على إلمام تام بهذه المسؤوليات ومؤهل لإحداث الفارق إن مُنح الوقت الكافي، وألا يُبدل أو يُعفى كسابقيه قبل أن تكتمل رؤيته.
▪️فإن استطاع أن يعيد ترتيب بيت الخارجية ويستنهض دبلوماسييها، غدت الوزارة جسر السودان إلى العالم، وإن تعثر ظل صدى الشعارات حبيس الجدران.

Exit mobile version