زيورخ – خاص الحاكم نيوز
كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة عن لقاء رفيع المستوى جرى في سرية تامة بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مسعد بولس، وذلك يوم الإثنين في أحد المنتجعات الهادئة المطلة على بحيرة زيورخ السويسرية، بوساطة قطرية، بعيداً عن عدسات الإعلام ومجهر السياسة.
الاجتماع، الذي تم بطلب من الإدارة الأمريكية، يأتي في لحظة مفصلية تشهد فيها الأزمة السودانية تصعيداً عسكرياً وإنسانياً، وتضاؤل فاعلية الوساطات الإقليمية والدولية، وسط غياب أي لقاءات مباشرة بين الأطراف المتصارعة على الأرض. المفارقة التي لفتت انتباه دوائر المراقبة الاستخبارية، أن طائرة قطرية فاخرة من طراز Airbus ACJ-319 برقم التسجيل A7-MHH، المعروفة باستخدامها من قبل الفريق أول البرهان، قامت برحلة سريعة من زيورخ إلى مطار بورتسودان ثم عادت مباشرة، في سيناريو عزز الشكوك حول وجود تحركات سرية غير معلنة. هذا ما أكدته مصادر استخبارية مستقلة ومراكز مراقبة طيران في إفريقيا بقيادة الباحثين ريتش تيد وبودي بين.
محاور اللقاء: إنهاء الحرب، وإعادة صياغة العلاقات
بحسب ما تسرب من مصادر دبلوماسية في واشنطن وبورتسودان، تناول اللقاء مستقبل الدعم الأمريكي للسودان، وإمكانية إعادة بناء العلاقات الثنائية، على ضوء المتغيرات العسكرية والسياسية، مع إشارة واضحة إلى رفض واشنطن للنهج الذي سارت عليه مساعدات وزيرة الخارجية السابقة، مولي فيي، والتي وصفها بولس بأنها “عقّدت المسار بدلاً من أن تُسهّله”.
البرهان، من جهته، أكد رفضه الكامل لوجود ميليشيا الدعم السريع، ووصفها بأنها “خطر على وحدة السودان”، مجدداً مطلبه بتفكيكها ومحاكمة قادتها، وبخاصة من يواجهون اتهامات بارتكاب فظائع في دارفور والفاشر.
واشنطن: لا دعم لحلول مفروضة.. والتحول المدني “مشروط”
مسعد بولس شدد على أن الولايات المتحدة لا تسعى لفرض تسوية خارجية، بل تدعم حلاً سودانياً خالصاً، لكن بشروط واضحة، أهمها: التحول الديمقراطي المدني الشامل، مع استثناء أي جهة أو شخصية تواجه تهماً جنائية دولية، في إشارة غير مباشرة لقادة الدعم السريع.
موقف أمريكي حاسم تجاه الفاشر
وعقب الاجتماع، أدان بولس عبر حسابه في منصة “إكس”، ممارسات الدعم السريع في الفاشر، قائلاً: “المدنيون يتعرضون للعنف الوحشي، ونطالب بفتح ممرات إنسانية عاجلة وتوفير الحماية”. هذا الموقف يُقرأ كأقوى إدانة أمريكية حتى الآن ضد قوات الدعم السريع، ما يعزز احتمال تصنيفها كمنظمة إرهابية، بحسب تسريبات من لجان في الكونغرس الأمريكي.
غياب الدعم السريع عن المشهد التفاوضي
اللافت أن أي تمثيل لقوات الدعم السريع كان غائباً تماماً عن اللقاءات، وفقاً لمصادر الصحيفة، وهو مؤشر واضح على أن واشنطن باتت تميل إلى إعادة ترتيب خارطة علاقاتها داخل السودان، بعيداً عن القوى المتورطة في جرائم حرب.
المشهد الختامي
في ظل الحصار المفروض على مدينة الفاشر، وتدهور الوضع الإنساني، يُنظر لهذا اللقاء كـ نقطة تحول استراتيجية قد تُمهّد لمرحلة جديدة من الضغط الدولي، وربما إعادة رسم خارطة المشهد السوداني، داخلياً وخارجياً، بأدوات ووجوه مختلفة.