ناجي الكرشابي يكتب | هل سقوط روتو .. يغيّر وجه الحرب في السودان؟

منذ بداية الحرب في السودان، برز موقف الرئيس الكيني ويليام روتو كأحد أكثر المواقف الإقليمية انحيازًا لقائد مليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي). ورغم الحياد المعلن، إلا أن تقارير كثيرة، وتصريحات دبلوماسية سودانية، أشارت إلى دعم سياسي، لوجستي، وأحيانًا استخباراتي تقدمه نيروبي لقادة التمرد في الخرطوم، تحت غطاء مبادرات السلام ، سقوط روتو أو حتى اهتزازه سياسيًا، يعني ضربة مباشرة لهذه العلاقة، وربما انهيار الجسر الذي حاول الدعم السريع عبوره نحو الاعتراف الدولي.

تحوّلت كينيا خلال الشهور الماضية إلى نافذة سياسية مهمة للدعم السريع. أيّ تغيير في رأس السلطة في نيروبي، خصوصًا إذا جاء عبر حراك جماهيري واعٍ، سيكون بمثابة رسالة إقليمية رادعة لأي حاضنة سياسية أخرى تفكر في دعم التمرد المسلح في السودان.

بل قد تفتح هذه التحولات الباب أمام قوى مدنية سودانية للتواصل مع سلطات كينية جديدة، تتبنى موقفًا أكثر اتزانًا، وأقرب لتطلعات الشعب السوداني في وحدة الأرض ، ورفض المليشيات المسلحة.

كينيا ليست فقط لاعبًا في السودان، بل هي شريك مؤسس في صيغة الحكم بجنوب السودان ، ولعبت دورًا رئيسيًا في اتفاقية السلام 2005 ، اليوم أي خلخلة سياسية في نيروبي ستؤثر على التوازنات الهشة في جوبا، خاصة أن حكومة جنوب السودان تسعى منذ شهور للتوفيق بين الأطراف السودانية، بينما تخضع هي نفسها لضغوط إقليمية من كينيا وأوغندا.

إن سقوط روتو سيُضعف المحور الإقليمي الذي يدعم استمرار التمرد في السودان من جهة، ويعيد خلط الأوراق في جنوب السودان من جهة أخرى، ما قد يفتح المجال أمام حلول أفريقية مختلفة أكثر توازنًا.

ففي حال تصاعد الحراك ونجح في قلب المعادلة في كينيا، فإننا قد نشهد إعادة تشكيل للتحالفات في شرق إفريقيا، فـ دول مثل إثيوبيا، أوغندا، ورواندا، ستعيد تقييم أدوارها في السودان، خصوصًا إذا رأت أن رهان روتو على مليشيا الدعم السريع أدى إلى إسقاطه. هذا سيجعل من التمرد في السودان عبئًا سياسيًا إقليميًا، بدلًا من كونه ورقة ضغط أو مكسبًا استراتيجيًا.

Exit mobile version