تابعنا نحن أبناء السودان الكلمة التاريخية التي ألقتها السيدة لولوة الخاطر، وزيرة الدولة في وزارة الخارجية القطرية، في مؤتمر باريس بشأن السودان. تلك الكلمة لم تكن مجرد خطاب دبلوماسي عابر، بل كانت صرخة حق وسط بحر من التواطؤ الدولي، صوتاً عربياً أصيلاً رفض الخنوع وصدح بالحقيقة كما هي، بلا تجميل ولا تورية، كانت لولوة الخاطر الصوت الرسمي لقطر، لكنها في تلك اللحظة مثّلت ضمير كل سوداني حر، وكل إنسان عربي يرفض التدخل الأجنبي وعبث القوى التي تتدثر برداء “الدعم” و”السلام” بينما تغرس خناجرها في خاصرة الشعوب المستضعفة.
وقفت لولوة بكل شموخ، لتقولها واضحة أمام العالم إن السودان دولة ذات سيادة، وقراره يجب أن يبقى بيد أبنائه لا في غرف مغلقة تُدار من الخارج ، رفضت أن يكون مؤتمر باريس منصة لفرض الوصاية على شعبنا، وواجهت المجتمعين بكل جرأة، لتسمي الأشياء بمسمياتها، ولتُعرّي محاولات الالتفاف على الشرعية والمؤسسات السودانية. لقد كانت تلك اللحظة فاصلة، إذ لم نكن بحاجة فقط إلى المساعدات، بل كنا بحاجة إلى من يقول كلمة حق في وجه باطل عالمي، وقطر قالتها ، لم تكتفِ قطر بهذا الموقف السياسي المشرف، بل هي على مدى السنوات، كانت ولا تزال سنداً حقيقياً للسودان. في كل أزمة ألمّت بنا، وجدنا الدوحة حاضرة، دعمت مسارات السلام، واحتضنت الحوارات، وقدّمت المبادرات الخيّرة دون أن تنتظر مقابلاً أو مصلحة، و في ميادين التنمية، نفذت قطر مشاريع تنموية في ولايات السودان المختلفة، شيدت المدارس، وساهمت في تجهيز المستشفيات، وأوصلت المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في أصعب الظروف، لا سيما عبر مؤسساتها مثل “قطر الخيرية” و”الهلال الأحمر القطري”.
قطر كانت أول من سارع بمد يد العون حين ضاقت بنا السبل، وأول من أعلن دعمه لحق السودان في تقرير مصيره بنفسه، دون ضغوط أو إملاءات، وكل ذلك لم يكن مجرد مواقف شكلية، بل نهج ثابت ومتجذر في سياستها الخارجية التي يحكمها مبدأ احترام سيادة الشعوب والوقوف إلى جانب قضايا الأمة ، ولذلك، فإن حديثي هذا ليس مجرد مجاملة أو ثناء لحظي، بل هو شهادة شعب سيحفر في ذاكرته أن قطر كانت من القلة التي لم تتاجر بآلامه ، وسيحفظ التاريخ اسم لولوة الخاطر كصوتٍ نسائي شريف، تحدّى البروتوكولات الدبلوماسية الجامدة، وتكلّم بلغة الحق التي تلامس القلوب قبل العقول.
من السودان، من كل بيت أحسَّ بمعنى الكرامة وهو يشاهد ويستمع الى تلك الكلمة، نقول لكم: شكراً قطر ، شكراً يا لولوة التي نطقت بإسمنا يوم صمت الكثيرون ،هذا الموقف سيبقى محفوراً في ذاكرتنا الوطنية، وستتناقله أجيالنا كدرس في أن الكلمة الشجاعة قد تكون أبلغ أثراً من ألف اتفاق ، من القلب، شكراً لكم، وسلاماً عليكم ما بقي النيل جارياً، وما بقي فينا نبضٌ للوفاء.