سمية سيد تكتب : مستقبل منظومة الصناعات الدفاعية بعد الحرب

تمكن الجيش السوداني من الاستيلاء على ترسانة ضخمة من الاسلحة النوعية المتطورة بعد نجاحاته الباهرة وطرد مليشيا الدعم السريع من الخرطوم والجزيرة وسنار قدرت بحسب تقارير غير رسمية بنحو ٣ مليار دولار . حيث استولى الجيش على اجهزة تشويش ومسيرات ومدافع متطورة وعدد ضخم من الذخائر والدبابات وعربات الدفع الرباعي والمدرعات وغيرها من الاسلحة. كان الجنجويد يهربون من ارض المعركة يفرون بجلدهم تاركين سلاحهم ومعداتهم العسكرية .

قبل ذلك تحصل الجيش على عتاد عسكري متطور من عدة دول ( من حر مال الدولة) دون اي دعم او منح وهو ما قاد الى تحرير جبل موية واقتحام مدني وكل ولاية الجزيرة ثم ولاية الخرطوم والاتجاه غربا نحو اقليم دارفور الذي سيشهد تغييرا كبيرا الفترة القادمة .

هذه التطورات الكبيرة في حجم التسليح الذي حصلت عليه القوات المسلحة يفتح الباب للحديث حول مستقبل منظومة الصناعات الدفاعية التي تاسست منتصف التسعينات ..واذا ماكانت الحوجة لازالت قائمة لتصنيع معدات حربية جديدة ..وباي نوع من التكنولوجيا .ام ان تداعيات ما بعد الحرب تفرض واقعا جديدا يجعل من منظومة الصناعات الدفاعية تغير من تركيبتها وتتجه نحو تطوير القطاع الصناعي المدني الذي احدثت فيه الحرب انهيارا شاملا وادت الى افلاس قطاع الاعمال.

إن مستقبل منظومة الصناعات الدفاعية في السودان بعد الحرب يواجه تحديات وفرصًا كبيرة. فمن ناحية، تسببت الحرب في تدمير واسع للبنية التحتية الصناعية، بما في ذلك بعض المصانع الدفاعية الرئيسية مثل مجمع اليرموك الصناعي. والذي كان له الدور التاسيسي في صناعة كثير من انواع الاسلحة وتطويرها محليا .. كما أدت الحرب إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد، مما يقلل من قدرة الحكومة على الاستثمار في هذا القطاع. بالإضافة إلى ذلك، و يعيق جهود إعادة الإعمار والتطوير.

من ناحية أخرى، يمكن أن تخلق الحرب أيضًا فرصًا جديدة لمنظومة الصناعات الدفاعية. فقد تزداد الحاجة إلى تحديث وتوسيع قدرات القوات المسلحة السودانية في مرحلة ما بعد الحرب، مما يخلق طلبًا على المنتجات والخدمات الدفاعية. كما أن إعادة بناء البلاد قد تتطلب مساهمة من الشركات الصناعية المحلية، بما في ذلك تلك العاملة في القطاع الدفاعي، في مجالات مثل الهندسة والإنشاءات والصيانة.

التحديات الرئيسية تكمن في الاضرار كبيرة التي لحقت بالبنية التحتية الصناعية خلال الحرب، بما في ذلك مصانع الأسلحة والذخيرة.و تتطلب إعادة بناء هذه المرافق استثمارات ضخمة ووقتًا طويلاً.

الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب الحرب. قد تحد من قدرة الحكومة على تخصيص موارد كبيرة لتطوير الصناعات الدفاعية على الاقل في المدى القريب.
مما يعيق جهود التخطيط والتطوير طويل الأجل في أي قطاع، بما في ذلك الصناعات الدفاعية.
اضافة الى صعوبة وتعقيدات استيراد التقنيات والمعدات اللازمة لتطوير الصناعات الدفاعية.

رغم وجود تحديات غير ان هنالك فرص كبيرة لمنظومة الصناعات الدفاعية لتصبح اقوى اذا تعاملت مع الواقع الذي فرضته الحرب وفق خطة استراتيجية مختلفة لتتحول الى منظومة صناعات حربية وتتخلص من بعض الصناعات المدنية والمشروعات الانتاجية الخاسرة التي اغرقت نفسها فيها خلال السنوات الماضية.

اهم هذه الفرص تتمثل في الاستفادة من المعدات والاسلحة التي تم الاستيلاء عليها من مليشيا الدعم السريع في تطوير بعض الصناعات الحربية سواء بصيانتها او تحديثها او عن طريق هندستها العكسية لانتاج قطع غيار او حتى نمازج جديدة
زيادة الطلب المحلي خاصة وان القوات المسلحة السودانية قد تحتاج إلى تحديث وتوسيع أسطولها من الأسلحة والمعدات بعد الحرب، مما يخلق طلبًا محليًا على المنتجات الدفاعية.

التهديدات الامنية التي تتعرض لها البلاد تتطلب قدرات دفاعية متخصصة قد لا تتوفر بسهولة عبر الاستيراد .مما يجعل الصناعات المحلية اكثر استجابة لهذه الاحتيجات.

نقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة المتخصصة بما يمكن من تطوير القدرات التقنية والهندسية في البلاد.

المساهمة في إعادة الإعمار اذ انه من الممكن للشركات الصناعية الدفاعية، بما لديها من قدرات هندسية وتصنيعية، أن تساهم في جهود إعادة إعمار البنية التحتية المدنية المتضررة من الحرب.
ايضا تطوير قدرات التصنيع والصيانة المحلية لتقليل الاعتماد على الاستيراد وتوفير العملة الصعبة.

التوجه نحو إقامة شراكات مع شركات دفاعية أجنبية لنقل التكنولوجيا والمعرفة وتطوير منتجات جديدة تلبي الاحتياجات المحلية والإقليمية.

التوقعات المستقبلية تشير الى انه في ظل استمرار التحديات الاقتصادية والأمنية، قد يشهد قطاع الصناعات الدفاعية نموًا بطيئًا ومحدودًا، مع التركيز بشكل أساسي على تلبية الاحتياجات الأساسية للقوات المسلحة من خلال إصلاح المعدات الموجودة وإنتاج بعض الذخائر والأسلحة الخفيفة.
لكن مع تحقق الاستقرار الاقتصادي والامني فقد تتمكن الحكومة من تخصيص موارد أكبر لإعادة بناء وتحديث الصناعات الدفاعية، مع التركيز على تطوير قدرات في مجالات محددة مثل المركبات المدرعة والصيانة وأنظمة الاتصالات.
* سيناريو الشراكات والتنويع: قد تتبنى السودان استراتيجية تعتمد على إقامة شراكات مع دول أخرى في مجال الصناعات الدفاعية ونقل التكنولوجيا، بالإضافة إلى تنويع أنشطتها .
لضمان نمو مستدام وفعال لقطاع الصناعات الدفاعية، من الضروري وضع آليات حوكمة رشيدة وتعزيز الشفافية ،و تحديد الأولويات بوضوح في تطوير الصناعات الدفاعية بما يتماشى مع الاحتياجات الأمنية والموارد المتاحة.

Exit mobile version