محمد يعقوب محمد علي يكتب : حرب السودان والثلاثية المنحوسة (2-5))2)

*(تموتي يا غزيل وشرك ما بخطاه)*

الموت معروف و(الغزيل) تصغير للغزال والغزال معروفة بالضرورة في مفرداتنا المتعارف عليها و(شرك) يعنى بها الشر والكاف نسب الى الغزال .. وما (بخطاه) بمعنى أن ما يصيبك من شر يا أيتها الغزال قطعا سيكون لي منه نصيب .

الأسطورة تقول أن الضب كان يوماً ما يجلس على غصن شجرةٍ له فيها مآرب أخرى ، وبينما هو في هذه الحالة يقال إن هناك صياداً كان يتربص بغزالةٍ يريد أن يقتالها بخرطوشه فأوت الغزالة إلى جزع شجرة الضب طلباً للحماية .. وبينما هي في هذه الحالة شعر بها الضب ورأى الصياد يهم بإطلاق الطلقة من الخرطوش .. وكل ذلك في لمح البصر والثواني المعدودات فقال مقولته تلك .. ولكن خرجت الطلقة وأصابت الغزالة في مقتلٍ ، وأصاب الرايش إحدى عيني الضب فسقط أرضا ، وخرج من الموت بفقد وفقع عينه .. فصار حديثه مثلاً يضرب في بعض المجتمعات حينما تحدق بهم المصائب بفعل فاعلٍ منهم وأنهم لا مناص مصابون من جرائه .

تذكرت هذه الأسطورة وأنا أرى القميرة بابنوسة قد تفرق سامرها ولم يبقى فيها سوى “درمود” وإخوته الصامدون .. وبعض الذين لهم عندها ذكرى وحسن مآب ، ومع ذلك فــ لا هي ولا نحن ولا هم ولا إحد يدري بأي ذنب خُربت .. لا سيما وأن الثلاثية المنحوسة والتي يجري البحث عنها تبريراً لأهوالِ الحرب وويلاتها لا وجود لها في تلك البقاع .. فلا ديمقراطية ولافلول ولا دولة (٥٦) .. فقط مجتمعات وأسر بسيطة أقعدتها الحاجة ونمط حياة البداوة .. وليس لهم حيلة غير الصبر النبيل في الكلاعيت .. والحمارات .. والبشمة .. والتبون والعضام .. وخمسين .. وضيلم .. وابوأجبر .. والفودة وفشيك .. وبقية تلك القرى والبوادي فضلاً عن (الميرم) و (الدبب) وحاضرتهم جميعاً مدينة المجلد .

الآن وبمرور الوقت وانسحاب بساط الزمن من تحت الأرجل .. كأني بحالهم جميعاً أشبه بحال الضب إن أطلق الصياد ناره .

Exit mobile version