تلاحظ ان اهتمام ترامب باسرائيل نفسه يأتي امتداداً لتلقيها دعمًا سخيًا من الولايات المتحدة لأسباب إستراتيجية وإقتصادية ودينية لتعزيز صدق النبؤات المسيحية حول المجئ الثاني للسيد المسيح والحكم الالفي نتيجة تاثير الانجليين على السياسة الامريكية.
والالفية أو الحكم الألفي في المسيحية هي معتقد إيماني ظهر بداية بين مسيحيين من أصول عبرية حافظوا من ديانتهم القديمة على ما يسمى المشيخية والتي ينتمى اليها دونالد ترامب وهي تركن إلى الزمنية وإلى التأويل الحرفي لنصوص الإنجيل خاصة ما ورد في سفر رؤيا يوحنا فهم يعتقدون بأن سيدنا عيسى المسيح سيعود إلى عالمنا هذا مع ملائكته والقديسين ليحكم الأرض كملك مدة ألف عام ومن هنا جاءت تسمية الألفية. مبكراً جداً في عام 172م ادعا مونتانوس الفريجي بأن الحياة الإخلاقية والروحية لأعضاء الكنيسة قد انحدرت وابتعدت عن الله بسبب تأثير العالم السلبي عليهم، لذلك وجب على الكنيسة العودة على ما كانت عليه أيام الرسل فأعلن نفسه نبياً جديداً من السماء أوكلت إليه مهمة التبشير بقرب نزول أورشليم السماوية و مجيء الرب إلى منطقة فريجية العليا – التي كانت واقعة آنذاك في آسيا الوسطى والتي فيها الآن فلسطين والاردن ولبنان – لتأسيس مملكته التي ستستمر فترة ألف سنة. تتمسك بهذا المعتقد اليوم كنائس بروستنانينة عدة ، ولعل هذا ما يفسر لنا أن اسباب اهتمام امريكا باسرائيل هي دينية وليست فقط اقتصادية نتيجة تحكمهم في الإقتصاد الأمريكي. ولا رهبة منهم وذلك لاعتقاد البعض ان الغرب قد وطن اليهود في فلسطين اتقاء شرورهم في اوروبا.
في المسيحية أيضاً كما في الاسلام ،يوجد ذكر المجيء الثاني للمسيح أو الظهور الثاني ، وهو عودة سيدنا عيسى بن مريم الى الأرض . ويستند اعتقاد المجيء الثاني على نبوءات موجودة في التوراة والإنجيل والقرآن ففى الإسلام فان نزول سيدنا عيسى ثابت بأدلة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وقد أجمع علماء الأمة الاسلامية بأن نزول النبي عيسى من علامات الساعة الكبرى ، ويجب على كل مسلم ومسلمة الإيمان بذلك، لذا يعتقد المسلمون اعتقاداً لا مِرية فيه بأن عيسى بن مريم لم يُصلب ولم يقتل وأن الله رفعه إليه وسوف يعود آخر الزمان، والإيمان بنزول النبي عيسى من الإيمان باليوم الآخر الذي هو الركن الخامس من اركان الايمان. فقد ثبت أن النبي عيسى سوف ينزل في آخر الزمان.
أما اليهود فهم في حالة انتظار دائم لظهور المسيح ( المسيا المنتظر ) ويعلقون امالاً جساماً على مجيئه فحين يأتي حسب زعمهم تطرح الارض فطيراً وملابساً من الصوف وقمحاً حبته بقدر كلى الثيران الكبيرة، وفي ذلك الزمان ترجع السلطة لليهود وكل الأمم تخدم ذلك المسيح وتخضع له، وفي ذلك الوقت كما يعتقدون يكون لكل يهودي الفان وثمانمائة عبد يخدمونه وعشرة تحت سلطته، لكن المسيح بحسب ذلك الادعاء لا يأتي إلا بعد انقضاء حكم الخارجين عن دين بني اسرائيل على حد زعم التلمود.
هكذا تدار السياسة عندهم بتلك المعتقدات التي لا انفصام فيها عن دينهم ثم يطالبون العالم الاسلامي بفصل الدين عن الدولة خدمة لاجندة اليهود تلك حتى لا يجد المسلمون عقيدة قتالية تربط لهم بين الدنيا والأخرة ويجعلون همهم فقط دنيا يصيبونها ولو قال أحد علماء المسلمين أو ناشطيهم بعكس ذلك يكون مصيره المحاكم والمشانق بأمر السلطات المنصبة في الدول الإسلامية،ذلك لأن الاستعمار الأوربي قد سعى لتطبيق معاهدة وستفاليا فيما يتعلق بفصل الدين عن الحياة في بلاده وكذلك بعد خروجه من الدول التي استعمرها ولو اخذنا السودان مثالا نجد أن أول دولة شاملة فيه وهي السلطنة الزرقاء قد قامت على أسس إسلامية ثم قاوم الاستعمار الأول بدولة دينية هي المهدية رغم أنها قد تنكبت الطريق بعد وفاة المهدي .
ولكن بعد خروج الاستعمار تأكد له عمق الأيديولوجيا ممثلة في احزاب الأمة والاتحادي والحركة الإسلامية، وان الدين لم يخرج من حياة المجتمع فسعى بكل الوسائل لفرض النموذج العلماني حتى بحرب ابريل الأخيرة لذلك كانت الحكومة التي أعلن ميثاقها في نيروبي تدعو إلى العلمانية وتبحث عن معالجات لمشاكل غير موجودة اصلا كما في تجربة الماركسية التي يتبناها الحزب الشيوعي وهي أيديولوجية خارجية لا تمت للواقع السوداني بصلة، فبعد خمسة وسبعين عاما من إنشاءه كان نصيبه في آخر انتخابات حزبية ثلاث دوائر،اما الأحزاب اليسارية الأخرى فكان نصيبها صفراً. ولكن يظل الامل في صلاح الحال قائما فالمشيئة الالهية تتجسد في هذه الآية : ( قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَىٰ أَخِيهِ مِن قَبْلُ ۖ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) يوسف(64).
ضل التاية – بروفيسور ابراهيم محمد آدم – دعاوى العلمانية وفصل الدين عن الدولة في حفل تنصيب دونالد ترامب (5-5)
