التحليل والتبرير القانوني لتصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية وملاحقتها قانونياً بموجب القانون الدولي

بقلم: برهاني تاكلو-نقا

المقدمة

شهد النزاع المستمر في السودان ارتكاب قوات الدعم السريع فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك العنف الجنسي الممنهج، والهجمات على المدنيين، وتدمير المواقع الثقافية والدينية. تشكل هذه الأفعال انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، واتفاقيات جنيف، والقانون الجنائي الدولي. إن أفعال قوات الدعم السريع تتشابه بشكل ملحوظ مع سلوك الجماعات الإرهابية العاملة في مناطق أخرى، مثل داعش في العراق وسوريا، وبوكو حرام في نيجيريا، وحركة الشباب في الصومال.
في العراق وسوريا، استخدمت داعش الإعدامات الجماعية، والاستعباد الجنسي، وتدمير التراث الثقافي لترهيب السكان وتعزيز سلطتها. وقد تم الاعتراف بإبادة الإيزيديين من قبل الأمم المتحدة كمثال على استخدام العنف الجنسي والتهجير القسري كأدوات حرب. وبالمثل، قامت بوكو حرام في نيجيريا بشن حملات إرهابية شملت عمليات اختطاف جماعية، مثل اختطاف فتيات شيبوك، وشن هجمات عشوائية على المدنيين. أما حركة الشباب فقد استهدفت الأقليات الدينية ودمرت الأضرحة الصوفية في الصومال، مما يعكس نمطًا ممنهجًا للقضاء على الهوية الثقافية وفرض الهيمنة.
إن إدانة المحكمة الجنائية الدولية لأحمد الفقي المهدي بتدمير المواقع الدينية والثقافية في تمبكتو تقدم سابقة قانونية لمحاكمة أعمال مماثلة لقوات الدعم السريع في السودان. كما أن قضية جان بيير بيمبا في المحكمة الجنائية الدولية، حيث تمت محاسبته على عدم منع العنف الجنسي الذي ارتكبته قواته، تبرز مبدأ مسؤولية القيادة، الذي يمكن تطبيقه على قادة قوات الدعم السريع.
يهدف هذا التحليل إلى إثبات ضرورة تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية، وضرورة تقديم قادتها للعدالة بتهم الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. ومن خلال الاستناد إلى السوابق القانونية التي أرستها المحكمة الجنائية الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، يؤكد هذا التحليل أهمية مبدأ مسؤولية القيادة وضرورة التدخل الدولي لتحقيق سلام دائم في السودان. كما أن التجارب السابقة في العراق وسوريا ونيجيريا والصومال تؤكد فعالية الأطر القانونية الدولية في معالجة الفظائع ذات الصلة بالإرهاب وضمان المساءلة.

الإطار القانوني والسابقة القضائية

مسؤولية القيادة بموجب القانون الإنساني الدولي واتفاقيات جنيف

يُعد مبدأ مسؤولية القيادة من الركائز الأساسية للقانون الإنساني الدولي، وهو مكرّس في المادة 7(3) من نظام المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة. ينص هذا المبدأ، الذي يُعتبر من القواعد العرفية للقانون الدولي، على مساءلة القادة العسكريين والمدنيين عن الجرائم التي يرتكبها مرؤوسوهم، إذا كانوا يعلمون بها أو كان ينبغي عليهم العلم بها، وفشلوا في اتخاذ التدابير اللازمة لمنعها أو معاقبة مرتكبيها.
يعتبر هذا المبدأ بالغ الأهمية في سياق السودان، حيث تورطت قوات الدعم السريع في ارتكاب مجازر وجرائم اغتصاب وتدمير قرى بأكملها. تؤكد التقارير الصادرة عن منظمات حقوقية وهيئات أممية على أن هذه الجرائم قد تمت بأوامر مباشرة من قيادات قوات الدعم السريع، مما يشير إلى وجود تسلسل قيادي واضح ومعرفة مؤكدة بتلك الانتهاكات على أعلى المستويات.
تم تطبيق مبدأ مسؤولية القيادة في العديد من القضايا الدولية، بما في ذلك القضايا التي نظرت فيها المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، والمحكمة الجنائية الدولية لرواندا، والمحكمة الخاصة بسيراليون. على سبيل المثال، عززت قضية بروسكيوتور ضد ديلاييتش وآخرين (قضية تشيليبيتش، المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة) فكرة أن القائد الذي يفشل في منع الجرائم أو معاقبة مرتكبيها يتحمل نفس مسؤولية المنفذين المباشرين.
كما أكدت قضية بروسكيوتور ضد باغوسورا (المحكمة الجنائية الدولية لرواندا) مسؤولية كبار القادة خلال الإبادة الجماعية في رواندا، مشددة على أن حتى في بيئات النزاع الفوضوية، فإن عدم ممارسة السيطرة على المرؤوسين يُعتبر جريمة بحد ذاته.

الاغتصاب الجماعي والمجازر

أثبتت شهادات الناجين والأدلة التي جمعتها منظمات دولية أن قوات الدعم السريع تستخدم الاغتصاب كسلاح حرب، على غرار ما فعلته داعش خلال احتلالها للموصل والرقة.
يحظر القانون الإنساني الدولي العنف الجنسي في النزاعات المسلحة بموجب المادة 3 المشتركة من اتفاقيات جنيف، التي تحظر العنف ضد الحياة والأشخاص، بما في ذلك المعاملة القاسية والتعذيب. كما أن المادة 27 من اتفاقية جنيف الرابعة تلزم بحماية النساء من أي اعتداء على شرفهن، بما في ذلك الاغتصاب والاستعباد الجنسي. كما يُصنّف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (المادتان 7(1)(ز) و8(2)(هـ)(6)) العنف الجنسي على أنه جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية عندما يُرتكب في سياق هجوم واسع أو ممنهج ضد السكان المدنيين.

تدمير القرى

تعرضت مجتمعات بأكملها في دارفور وكردفان للتدمير الكامل، في نمط مشابه لعمليات القاعدة في مالي ونيجيريا، حيث تُستخدم سياسة الأرض المحروقة لإجبار السكان على النزوح. هذه الممارسات تنتهك المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر تدمير الممتلكات المدنية إلا إذا كانت ضرورية للغاية للعمليات العسكرية.

استهداف المجتمعات العرقية

قامت قوات الدعم السريع باستهداف مجموعات عرقية محددة، مثل المساليت والفور في دارفور، وهو نمط مشابه لحملات الإبادة الجماعية التي نفذها تنظيم داعش ضد الإيزيديين.
وفقًا للقانون الدولي، تُعتبر هذه الأفعال إبادة جماعية بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تحظر الأعمال التي تهدف إلى تدمير مجموعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية، كليًا أو جزئيًا.

توصيات للمجتمع الدولي والمحكمة الجنائية الدولية

تصنيف قوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية

يجب على الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي إصدار تصنيف رسمي لقوات الدعم السريع كمنظمة إرهابية، مما سيسمح بفرض عقوبات أكثر فاعلية، مثل تجميد الأصول وحظر السفر ضد قادتها.

فتح تحقيقات دولية

يجب على المحكمة الجنائية الدولية التحقيق مع قادة قوات الدعم السريع بموجب المواد 7 و8 من نظام روما الأساسي.

تمكين المحاكم المحلية والإقليمية

يجب دعم المحاكم السودانية بفرق قانونية دولية لملاحقة مجرمي الحرب بموجب الاختصاص القضائي العالمي.

حماية ودعم الضحايا

توفير برامج دعم نفسي واجتماعي وتعويضات مالية لضحايا الجرائم الجنسية والانتهاكات الجسيمة الأخرى.

الخاتمة

تشكل قوات الدعم السريع تهديدًا للسلم والأمن الإقليمي والعالمي. تصنيفها كمنظمة إرهابية، ومعاقبة قادتها، هو ضرورة قانونية وإنسانية. يتعين على المجتمع الدولي التحرك فورًا لضمان العدالة والسلام في السودان.

__

*برهاني تاكلو-نقا*
*كلية الحقوق بجامعة هارفارد، جامعة بوسطن، وجامعة تافتس/كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية.*

Exit mobile version