مهما طال الليل فلابد من أن يعقبه صباح وما ضاقت إلا تتيسر وتفرج ، ومن قلب المحن تأتي البشائر والمسرات وذلك لمن عرِف وصبر ، شاهدنا جميعاً مناظر ( ونوصفها هكذا لبهائها) عودة اخواننا الأبطال العائدين من المناطق المطهرة والتي فُك الحصار عنها عنوة وإقتداراً بفضل الله وقواتنا المسلحة السودانية ومن ساندها ، عادوا تصحبهم مظاهر الفخر والإحتفال بهم وسط أسرهم وجيرانهم وتوشوش في آذانهم خفية رائعة محي الدين فارس :
وغدا ًنعود .. حتماً نعود
للقرية الغناء للكوخ الموشح بالورود
ونسير فوق جماجم الأسياد مرفوعي البنود
تزغرد الجارات والأطفال ترقص والصغار
والنخل و الصفصاف والسيال زاهية الثمار
وسنابل القمح المنور في الحقول و في الديار
لا لن نحيد عن الكفاح
عادوا مكللين بشرف إستقبالهم رسمياً وعفوياً وتحشدت لهم الحشود عرفاناً لما قدموه وشكراً لإستبسالهم وصمودهم طيلة الفترة الطويلة العصيبة الماضية .
عادوا دون أن تثقلهم منهوبات الخرطوم ذهبها ومالها وفارهاتها ، خفافاً إلا من اليقين والقناعة وجبين وضاء يشع نوراً فرحة بهذا الخلاص وهذا النصر المبين.
عادوا وقد امتلأت أرصدتهم بنظرات الشوق والتعجب والإكبار والإجلال من مستقبليهم في شوارع قراهم والتي لم يعودوا إليها هاربين متزاحمين في بوابة العبور من جبل الأولياء بعد أن ضاقت بأولئك الخرطوم والتي عجزوا عن إخضاعها وترويضها فالنيل أقسى أن يرود أو يدرب أو يدنس أو يهان .
عادوا بإصاباتهم وبجراحهم وبأجزاء بترت منهم سبقتهم إلى روض وجنان بإذن الله ، خروجهم ليس هروباً ولا جماعات ولكن حسب التراتبية العسكرية وبعد أن جاء من يسد خاناتهم فاليد ما زالت على الزناد مواصلة للمشوار وذلك ما رأيناه في معارك التطهير الأخيرة حول القيادة العامة والتي عاودتها المليشيا في هجوم خجول ولكن فاجأتها صولة الأسد الجريح فدنست دماء قتلاهم أرض محيط القيادة الطاهرة فعادوا بخفي عبدالرحيم دقلو المهترئة من الهيمان في الصحارى هروباً .
تقبل الله جهدكم وجهادكم يا أيها العائدون من المواقع المحاصرة ونصركم الله وأيدكم فقد كنتم سندالة لجيشنا وحجر زاوية ثبتكم الله وثبتكم بقية وحدات الجيش السوداني ، وأخيراً :
ما كسرتو مخزن زول وقالو حرقتو
ولا اتعشمتو في مال الحرام وسرقتو
واثقين نحن كل واحد بيملأ فرقتو
ما بتتلاقو كان فكو اللجام ومرقتو
-
-
-
-
-
-
