خبر وتحليل – عمار العركي : إسقاط الفاشر بـأي تكلفـة: ضرورة استراتيجية لإنقاذ مشروع تقسيم السودان ودول الإقليم

▪️ تُمثل مدينة الفاشر نقطة إرتكاز استراتيجية بالغة الأهمية في دارفور والسودان عمومًا، ما جعلها هدفًا رئيسيًا لمخططات القوى الإقليمية والدولية التي تسعى إلى زعزعة استقرار السودان وتفكيكه ،وفي ظل الإخفاقات المتتالية لمليشيا آل دقلو والقوى الداعمة لها، وعلى رأسها الإمارات، في تحقيق أهدافها من خلال الحرب الشاملة على السودان، تحولت الأنظار إلى دارفور، حيث بات إسقاط الفاشر ضرورة قصوى لإنقاذ المشروع التوسعي الإماراتي ومخططات التقسيم.
▪️هذه الحرب، التي تُدار من خلف الكواليس عبر قوى إقليمية ودولية، ليست مجرد حرب داخلية سودانية، بل هي جزء من لعبة كبرى وفق أجندة تهدف إلى إعادة صياغة ورسم خارطة المنطقة برمُتها، انطلاقًا من السُودان، وفق تصورات معينة ومصالح تلك القوى، وقد أُوكلت للإمارات مهمة تمويل وتنفيذ هذه الأجندة، مستغلة أدواتها السياسية والاقتصادية والعسكرية لتحقيق هذه المخططات. ويبرز هذا الدور الإماراتي بوضوح من خلال دعمها الصريح والواضح للمليشيا ، التي تسعى عبر إسقاط الفاشر إلى تحقيق هدف مركزي في هذه الخطة، وهو تمكين مشروع تقسيم السودان ومن ثم الانطلاق نحو السيطرة علي كل دول المتطقة .
▪️في هذا السياق، تأتي الفاشر كحجر زاوية في رؤية الإمارات وشركائها الدوليين، كونها تمثل بوابة لتحقيق السيطرة على دارفور، وإعادة تشكيل التوازنات الداخلية في السودان والإقليم بما يخدم مصالحهم. ومع استخدام أساليب الحرب الحديثة، كإدارة المعارك بالطائرات المسيّرة والمرتزقة، تسعى الإمارات إلى تجاوز الفشل المتكرر لمليشيا الدعم السريع في تحقيق أهدافها الشاملة.
▪️في الحروب الحديثة، حيث تُدار المعارك بالتكنولوجيا، لا مكان لشجاعة الفرد. يمكن لأجبن خلق الله أن يجلس خلف شاشة عريضة في كرسي مريح، يشرب مشروبًا من الكوكا ويأكل شطيرة، بينما يدير المعركة عن بُعد، ليحقق نتائج مذهلة قد تهزم جيشًا تقليديًا عرمرمًا. هذه هي المعركة الحديثة التي تُديرها الإمارات من وراء الشاشات، ويمثل هذا النوع من الحروب أحد الأسباب الرئيسية للتصعيد في دارفور.
▪️منذ اندلاع الحرب، حافظ أهل الفاشر وأبطال الجيش والقوات المشتركة على مدينتهم ضد المليشيا والمرتزقة لأكثر من ثمانية أشهر، وصدوا أكثر من 170 هجومًا. هذا الصمود يعكس نوعًا من الحروب التقليدية التي تواجهها المليشيا، ما دفع الجهات الداعمة لها إلى تغيير أساليب المعركة.
في الوقت ذاته، قامت الإمارات بتأمين الدعم العسكري المباشر للمليشيا عبر استئجار طيارين من شرق أوروبا، يتلقون مدفوعات ضخمة مقابل مهام الطيران العسكرية من أنجمينا إلى نيالا أو إلى المطارات الخلوية في دارفور وكردفان. هذه الخطوات جاءت في وقت حساس بالنسبة للإمارات، التي تسعى إلى تنفيذ مخططاتها الإقليمية والتمسك بمشاريعها، في ظل التوترات الدولية وضغوط الولايات المتحدة، التي تهدد مصالحها في المنطقة.
▪️الفاشر، إذًا، ليست مجرد معركة عسكرية بين قوات سودانية ومليشيا، بل هي معركة سياسية استراتيجية تعكس تحولات في المشهد الإقليمي. فالإمارات، التي أعلنت سابقًا أنها توقفت عن دعم المليشيا، تحاول الآن الهروب من تعهداتها عبر تصعيد الحملة على الفاشر، مدفوعةً بأجندات لا تخلو من المخاطر.
▪️ومع هذه التصعيدات، تبرز الأسلحة الحديثة، مثل الطائرات المسيّرة، التي تستخدمها المليشيا بدقة لتوجيه ضربات مميتة للمناطق العسكرية والمدنية على حد سواء. الفاشر أصبحت نقطة محورية للمواجهة، حيث تعمل الطائرات على مساعدة المليشيا في ضرب أهداف استراتيجية في دارفور، بما في ذلك المستشفيات والمراكز العسكرية.
▪️التركيز الإماراتي على إسقاط الفاشر يتماشى مع استراتيجيتها في الحفاظ على سيطرتها على مجريات الحرب، وتحقيق هدف تقسيم السودان إلى كيانات ضعيفة يسهل التحكم بها. ومن خلال التعاون مع المليشيا، يسعى المشروع الإماراتي إلى تحقيق تقسيم جغرافي يعيد رسم الحدود ويقوض الاستقرار السوداني.
إلا أن هذه الأجندة، رغم كل الدعم العسكري والمالي، تواجه تحديات عميقة على الأرض. فالفشل العسكري والسياسي الذي طال معظم جبهات الصراع في السودان يظهر أن المليشيا، رغم الدعم المكثف، لم تتمكن من إحداث التغيير المنشود في مجمل البلاد. وهكذا، تبقى الفاشر بالنسبة للإمارات ومخططاتها بمثابة نقطة انطلاق أو نقطة حسم أساسية، بحيث إذا تم إسقاط المدينة، قد يشكل ذلك خطوة هامة نحو إكمال التقسيم وإضعاف القوة السودانية الموحدة.
▪️ومع استمرار محاولات المليشيا لفتح الطريق الصحراوي الرابط بين ليبيا ودارفور، تزداد أهمية الفاشر في المخطط الإقليمي، مما يعكس الحاجة الملحة لعمل عسكري ودبلوماسي مكثف من جانب الحكومة السودانية، للحد من هذه التحركات وتحقيق استقرار طويل الأمد. فالمعركة ليست فقط حول الفاشر بل حول الحفاظ على وحدة السودان واستقلاله في وجه التدخلات الأجنبية والمخططات الإقليمية التي تسعى إلى تقسيمه.

▪️ *_خلاصة القول ومنتهاه_ :*
▪️إسقاط الفاشر يمثل خطوة استراتيجية بالغة الأهمية بالنسبة للإمارات ومخططاتها الإقليمية. ومع استمرار الهزائم العسكرية والسياسية للمليشيا في السودان، تبقى الفاشر أحد الجبهات الحاسمة التي قد تؤدي إلى إعادة تشكيل السودان وفقًا للأجندات الخارجية. وبالنظر إلى تلك المخاطر المتزايدة، تزداد أهمية استجابة سريعة وفعالة من القيادة السودانية على كافة الأصعدة العسكرية والدبلوماسية لمنع تصعيد هذه الأهداف، والعمل على حماية وحدة السودان في هذه اللحظة المفصلية.

Exit mobile version