كتب :أحمد إمبابى
تواصل الدولة المصرية جهودها، فى قيادة ملف إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، فى قارة إفريقيا، من منطلق الخبرات المصرية المتراكمة فى ملف إعادة الإعمار بالعديد من مناطق الصراعات بإفريقيا والمنطقة العربية.
وتتبنى القاهرة مقاربة جديدة، لدفع جهود التنمية وإعادة الإعمار فى مناطق النزاعات بقارة إفريقيا، تعتمد على الدمج بين «السلام والأمن والتنمية»، وهى جوهر الرسالة التى أكدها الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى بيان رئاسى هذا الأسبوع، بمناسبة انطلاق النسخة الرابعة لأسبوع الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية، الذى يهدف إلى زيادة الوعى ومعالجة احتياجات التعافى وإعادة الإعمار بالقارة.
ولعل أبرز تلك الجهود، تفعيل مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية فى مرحلة ما بعد النزاعات، الذى تستضيفه مصر، بعد أن تمت الموافقة على إنشائه من القادة الأفارقة خلال رئاسة مصر للاتحاد الإفريقى فى عام 2019، استجابة لمبادرة مصرية بتدشين مركز إعادة الإعمار ليضطلع بمهمة تنفيذ السياسة الإفريقية لمرحلة ما بعد النزاعات ودعم بنية السلم والأمن الإفريقية، ومواكبة جهود الأمم المتحدة الهادفة إلى استدامة السلام.
المقاربة المصرية
فى البيان الرئاسى، الذى أصدره الرئيس عبدالفتاح السيسى، الاثنين الماضى، بصفته رائد الاتحاد الإفريقى، لملف إعادة الإعمار والتنمية، أكد أن «التحديات الأمنية والتنموية التى تواجهها قارة إفريقيا، تحتم معالجة الأسباب الجذرية لتلك النزاعات»، واعتبر أن الطريق لمواجهة تلك التحديات، يشمل «بناء قدرات المؤسسات الوطنية والإقليمية والقارية، والتوصل لحلول سلمية مستدامة للأزمات القائمة».
وأكد الرئيس السيسى أهمية «تعزيز وتفعيل الرابط بين السلام والأمن والتنمية»، وقال إن «هذه الموضوعات كانت محور النقاش فى النسخة الرابعة لمنتدى أسوان للسلام والتنمية، الذى عقد فى القاهرة شهر يوليو الماضى»، مشيرا إلى عدة مبادرات تم إطلاقها خلال فعاليات منتدى أسوان للسلام، منها «تدشين الشبكة الإفريقية لمنع التطرف المؤدى إلى الإرهاب، والإعلان عن جائزة «منتدى أسوان» لإعادة الإعمار والتنمية».
المقاربة الإفريقية
كما توقف الرئيس السيسى مع المقاربة الإفريقية لمنع النزاعات، وقال إن «جهود بناء واستدامة السلامة تحتم تطوير مقاربة إفريقية استراتيجية شاملة، لمنع النزاعات وبناء واستدامة السلام، تتكامل فيها الجهود الوطنية والإقليمية والقارية»، مشيرا إلى أنه تم «تحديث وتطوير سياسة الاتحاد الإفريقى، لإعادة الإعمار، والتنمية بعد النزاعات، والتى تم إقرارها فى قمة الاتحاد الإفريقى فى فبراير الماضى»، مشيرا إلى أن التركيز الحالى ينصب على تفعيل وتنفيذ السياسة الجديدة.
ووفق البيان الرئاسى، تتضمن إجراءات تنفيذ السياسة الجديدة للاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار، «الترويج لسياسات الاتحاد، وتطوير التوجيهات الإرشادية لتنفيذها، وبدء العمل فى مركز الاتحاد الإفريقى لإعادة الإعمار والتنمية من مقره فى القاهرة، لتطوير المبادرات والمشروعات الداعمة للدول الخارجة من النزاعات»، إلى جانب «تنسيق العمل مع الشركاء، وحشد التمويل والموارد اللازمة لتنفيذ تلك المشروعات».
المنتدى الحضرى العالمى
ملف التنمية والإعمار فى إفريقيا، كان حاضرا على أجندة فعاليات «المنتدى الحضرى العالمى»، الذى استضافته القاهرة فى الفترة من الرابع حتى الثامن من نوفمبر، حيث شكلت فعاليات المنتدى فرصة لتقديم التجربة المصرية فى العمران والتنمية والبنية التحتية، إلى جانب إلقاء الضوء على التحديات التى تواجه التنمية فى قارة إفريقيا.
وخلال فعاليات افتتاح المنتدى الحضرى، أكد الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى، «ضرورة حشد الجهود الدولية، لوقف النزاعات والصراعات والحروب بالمنطقة، والتركيز على إعادة الإعمار والبناء والتنمية»، وأشار إلى «حرص بلاده على تقديم الدعم لدول المنطقة التى تواجه صراعات وحروبا».
وخلال اجتماع وزراء الإسكان الأفارقة، الذى عقد على هامش المنتدى، أكد وزير الخارجية المصرى بدر عبد العاطى أهمية «استثمار انعقاد المنتدى الحضرى العالمى فى مصر وإفريقيا، لتسليط الضوء على التحديات التى تواجه الدول الإفريقية»، وأشار إلى «حرص مصر على تحقيق التنمية فى إفريقيا لتعزيز الأمن والاستقرار والسلام فى القارة»، وقال إن «هذه الملفات تمثل أولوية لدى مصر، فى ضوء الرئاسة المصرية الحالية للجنة (النيباد)، المعنية بدفع مشروعات البنية التحتية القارية والإقليمية».
ونوه وزير الخارجية لأدوار الشركات المصرية فى دعم مشروعات البنية التحتية بالعديد من الدول الإفريقية، ومنها مشروع سد «جيوليوس نيريرى» للطاقة الكهرومائية بتنزانيا ومشروع توسيع وتجهيز الرصيف الرئيسى لميناء جزر القمر وغيرها.
إعادة الإعمار فى السودان
انعقاد المنتدى الحضرى أتاح فرصا عديدة للخبرات المصرية، للمشاركة فى عمليات إعادة الإعمار بالعديد من الدول الإفريقية، وواحدة من هذه الدول هى السودان، التى تواجه حربا داخلية منذ أكثر من عام ونصف، حيث أشار السفير السودانى بالقاهرة، الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوى، إلى أن «بلاده بدأت تعد الدراسات لإعادة الإعمار، بعد انتهاء الحرب الداخلية»، وقال فى ندوة بنقابة الصحفيين فى نهاية شهر أكتوبر الماضى، إن «الشركات المصرية الأجدر فى عملية إعادة إعمار السودان بالتنسيق مع الدول العربية والمنظمات المختلفة».
وقال عدوى، أنه تم عقد ورش لإعادة الإعمار فى القطاع الزراعى، والصناعى والبنية التحتية، لمناقشتها مع ملتقيات رجال الأعمال بين البلدين، لبحث مشاركة الشركات المصرية فى هذه القطاعات.
مدن حديثة فى الكونغو
وسعيا للاستفادة من الخبرات المصرية فى مجال التنمية العمرانية والبنية التحتية، بحثت وزيرة الشئون الحضرية فى الكونغو الديمقراطية، أكاسيا باندوبولا مبونجو، خلال لقائها مع نائب وزير الخارجية المصرى، أبو بكر حفنى، على هامش مشاركتها بالمنتدى الحضرى العالمى، «تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وخاصة فى مجال البنية التحتية والمشروعات التنموية».
الوزيرة الكونغولية، أبدت إعجابها الشديد بالعاصمة الإدارية الجديدة، مؤكدةً أنها تمثل نموذجًا رائدًا فى مجال التخطيط الحضرى والتنمية المستدامة، كما أعربت عن رغبتها فى الاستفادة من الخبرات المصرية فى مجال البنية التحتية وإنشاء المدن الحديثة، بما يسهم فى دعم الخطط التنموية فى الكونجو الديمقراطية.
تصدير الخبرة المصرية
وأكد السفير جمال بيومى، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن «مصر تتبنى جهودا إعادة الإعمار فى الدول التى تواجه الصراعات، فى إفريقيا والمنطقة العربية»، وقال إن «مصر تمتلك خبرات طويلة فى ملف التنمية، تسمح بتصدير تلك الخبرات لدول إفريقيا، لتحقيق التنمية فى قطاعات عديدة». وأوضح بيومى، فى تصريحات خاصة، أن «السياسة المصرية، تتبنى خيار التسوية السلمية للصراعات التى تشهدها تلك الدول، ودفع عملية إعادة الإعمار والتنمية»، وقال إن «الرؤية والسياسة المصرية، تتبع نهجا وسطيا معتدلا، وتتبنى الحياد الإيجابى للحفاظ على الدول التى تواجه صراعات، ما يجعلها مصدر جذب لكثير من دول القارة الإفريقية».
وأشار إلى أن «مصر دائما تتحدث بصوت القارة الإفريقية، وهناك تقدير وتفضيل من الدول الإفريقية، للنموذج المصرى، عن الدول الغربية»، وقال إن «القاهرة تتحدث حاليا، بصوت إفريقيا، فى ملف التنمية، ومواجهة آثار التغيرات المناخية، لدفع مزيد من الجهود الدولية لمواجهة هذه التحديات»