بروفيسور إبراهيم محمد آدم يكتب فرص النجاح المتاحة أمام لجنة الاتحاد الافريقي حول السودان (1-3)

بداية لست مع أي تدخل خارجي من طرف أي دولة في الشأن السوداني فذاك لا يليق أبداً بدولةٍ محترمةٍ حرةٍ ذات سيادة، ولكني أشجع التعامل مع منظمات مثل الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة باعتبار أن السودان عضواً في هاتين المنظمتين وله كامل الحقوق فيهما، كما عليه من واجبات، رغم أن عضوية السودان معلقة حالياً في الاتحاد الافريقي بعد قرارات 25 اكتور 2021 والتي قضت بفض الشراكة بين المكون العسكري وبعض القوى المدنية التي شاركته السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019م .
وللسودان تجربة معقولة مع وساطة الاتحاد الافريقي مثل لجنة ثابو مبيكي التي تم اختيار اعضاءها من لجنة سميت بلجنة حكماء أفريقيا، وهي هيئة استشارية للإتحاد الافريقي تتألف من خمسة أعضاء معينين لمدة ثلاث سنوات، ودورها هو تقديم المشورة إلى مجلس الأمن والسلم بشأن المسائل ذات الصلة لمنع الصراعات وادارتها وحلها، ويتم اختيار الأعضاء من الشمال والجنوب والشرق والغرب والوسط من القارة، وقد انشئت أول لجنة في عام 2007م وفي عام 2010م تم توسيع اللجنة من خلال إنشاء مجموعة أصدقاء لجنة الحكماء ويعينون على أساس ذات التقسيم الجغرافي الفرعي، ومن أولئك الأعضاء شكل الاتحاد الأفريقي لجنة رفيعة المستوى لعملية السلام في دار فور في أبريل عام 2009م من رئيس جنوب افريقيا الأسبق ثابو مبيكي، ورئيس بورندي الأسبق بيير بويويا ورئيس نيجيريا الأسبق عبد السلام أبو بكر، وقدمت اللجنة أول تقرير لها في اكتوبر عام 2009م وكان عملها في البداية قاصراً على دار فور ثم امتد ليشمل النزاع بين السودان وجنوب السودان بعد انفصال الأخير، وتواصل تكليفها ليغطي المفاوضات بين حكومة الانقاذ والحركات المسلحة والأحزاب السياسية المعارضة لها حتى سقوط الإنقاذ في أبريل عام 2019م .
وكان امبيكي حينها قد استقال من منصبة كثاني رئيس لجنوب افريقيا من الوطنيين الافارقة وتاسع رئيس في تاريخ تلك الدولة وذلك قبل تسعة أشهر من انتهاء فترته الرئاسية بعد أن سحبت منه الثقة اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني الافريقي لتدخله في اعمال النيابة المختصة بالتحقيق مع جاكوب زوما نائبه في الحزب والحكومة بتهم فساد ولاحقاً نقضت المحكمة العليا حكم القاضي المختص وتم تعيين غاليما موتلانين رئيساً بصلاحيات كاملة لحين انتخاب جاكوب زوما رئيساً لاحقاً.
فيما يلي ملف دار فور فقد أصدرت اللجنة تقريرها الذي سبقت الإشارة إليه وقد كتب بلغة دبلوماسية رفيعة ودعا إلى مقاربة جديدة وشاملة لحل النزاع في الاقليم باعتبار أن اهداف السلام والعدالة والمصالحة في دار فور مترابطة، وأشار في الوقت ذاته إلى أنه لا المحاكم الخاصة التي أنشاتها الحكومة السودانية، ولا مذكرة القبض التي كانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرتها بحق الرئيس حينها عمر البشير قد أفادت قضية دار فور في شيئ، وقد أوصى التقرير بإنشاء محاكم مختلطة مكونة من قضاة سودانيين وآخرين أجانب، ويناط بها التحقيق باعمال العنف التي ارتكبت في اقليم دار فور، وقال ذلك التقرير أنه يتعين على السودان تقديم المساعدة بشان اختيار القضاة الذين يجب أن يديروا تلك المحاكم المقترحة، كما أوصى التقرير أيضاً الاتحاد باختيار القضاة غير السودانيين الذين يجب أن يدخلوا في تشكيلات المحاكم المقترحة، ولكن للأسف لم تنفذ توصيات التقرير فظلت المشكلة قائمة حتى تاريخ كتابة هذا المقال.يتبع

Exit mobile version