.
كثيرون تساءلوا لماذا تأخر وزير الداخلية الفريق خليل سايرين باشا من إستلام منصبه حتى الآن ،بينما ظل سلفه الفريق خالد حسان محي الدين يمارس مهامه في الزيارات الاجتماعات وقيادة وزارة الداخلية.
والغريب في الأمر أن تأخير عملية الاستلام والتسلم بين الوزير القديم والجديد لم تكن موضع شائعات في الأسافير والسوشيال ميديا، رغم أن قرار التعيين صدر في وقت كان كافيا أن تتم فيه عملية التسليم والتسلم وان يباشر سايرين أعماله وزيرا للداخلية.
ولكن اتضح أن الفريق سايرين كان يسكن في منزله بضاحية الحاج يوسف شرق النيل بالخرطوم حتى ساعة تعيينه وزيرا للداخلية، حيث إستطاع مؤخرا الخروج من الخرطوم إلى مدني في عملية هي في حد ذاتها خطرا على شخصية مثل الفريق سايرين على ظهر دراجة بخارية (موتر) ،وبعدها إطمئن على خروج أسرته دون أذى حيث لحقت به في أمان.
والسيد وزير الداخلية الجديد هو من جنوب كردفان وتخرج من جامعة الخرطوم ،وإلتحق بالجمارك إلى أن وصل هذه الدرجة الرفيعة من الرتبة العسكرية ،ورغم ذلك يسكن في بيت متواضع بالحاج يوسف وهو حي شعبي يقع في شرق الخرطوم كان ملجأ وموطنا لكثير من الأسر السودانية التي جاءت للخرطوم بسبب البحث عن فرص عمل أو جاءت بسبب الحرب في الجنوب وقتها أو بسبب الجفاف والتصحر الذي ضرب أجزاءا من دارفور وكردفان في منتصف الثمانينات من القرن الماضي.ومعظم منازل منطقة الحاج يوسف في ذلك الوقت كانت من المواد المحلية لهذا كانت مسكنا للبسطاء من الناس ،وتطورت تدريجيا.
والسيد زيرالداخلية رغم تخرجه من أعرق الجامعات السودانية جامعة الخرطوم ،وعمل في أكبر المؤسسات الإيرادية في السودان( الجمارك) وتولى فيها أعلى المناصب ،كان من الممكن وبكل بساطة أن ينتقل إلى الأحياء الراقية في بحري نفسها أو الخرطوم أو امدرمان ولكن ظل في منزله بالحاج يوسف، يبدو انه ارتبط به منذ بداية حياته العملية.
وهذا مؤشر ايجابي يصب في صالح شخصيته وفي صالح اختياره وزيرا للداخلية ،فهذه المواصفات الشخصية زائد خبرته الطويلة ورتبته الرفيعة تجعل مهمته سهلة والنجاح سيكون حليفه بأذن الله.
وبمثل ما خرج وزير الداخلية الفريق خليل سايرين باشا إلى المنصب من وسط الدمار والركام الذي أحدثته مليشيا الدعم السريع في الخرطوم واستهدافها للشخصيات العسكرية خاصة بالقتل أو الأسر ، فقد تساءل الناس في الشهور الأولى للحرب اين وزير الخارجية السفير علي الصادق ؟،ولماذا يقود الوزارة في هذا الوقت العصيب بالذات وكيل الوزارة دفع الله الحاج؟ الذي قام بمهام الوزير والوكيل في وقت واحد وقدم جهدا مقدرا والذي غادر منصبه وكيلا للخارجية قبل يومين فقط.
وقد طالت بعض الاشاعات وزير الخارجية حين لم يظهر في أي نشاط واختفي منذ بداية الحرب ،كما طالت وزير الداخلية السابق (عنان).
وزير الخارجية علي الصادق كان أيضا متواجدا في منزله في الخرطوم ، لم يتمكن من الخروج ،لانه كان يسكن في منطقة صعبة التحرك فيها منذ اندلاع الحرب وهي منطقة(العمارات) التي تقع غرب مطار الخرطوم وجنوب القيادة العامة وهي مناطق كانت الحرب قد بدأت فيهما وكان القتال فيها شرسا في الأيام الأولى ،وظل طوال تلك الفترة في بيته حفاظا على أسرته ونفسه من أي خطر محدق به،إلى أن تمكن من الخروج من الخرطوم ووصل ألى بورتسودان حيث مقر الحكومة الاتحادية مؤقتا ،وباشر من هناك أعماله التي توجت بطرد المبعوث الأممي (فولكر)من بورتسودان اولا ومن السودان ثانيا. وإنهاء مهمة بعثته ثالثا.
فإن كان وزيرا الخارجية و الداخلية قد خرجا من وسط (دمار )و( ركام) الحرب التي شنتها مليشيا الدعم السريع في الخرطوم فإن هذا يتوجب أن تكون الحكومة التي تدير شأن البلاد هي (حكومة حرب). فإن كانت هذه الحكومة تضم وزيرا الداخلية والخارجية وهما قادمين من دمار و ركام الحرب، فإن هذه يتوجب أن يكون بقية أعضائها من أكتوى بها خاصة وزير الدفاع.
ولعل النجاح الذي حققته الدبلوماسية السودانية بقيادة وزير الخارجية ووكيلها وسفير السودان في الأمم المتحدة الحارث ادريس فإن هذا النجاح يضع وزير الداخلية الفريق خليل سايرين في مهمة التحدي والنجاح في إعادة الشرطة إلى مواقع عملها كاملة خاصة الخرطوم وبسط الأمن والقبض على العصابات والمتفلتين الذين إستباحوا الخرطوم بعمليات السرقة والنهب وترويع المواطنين ،وهذا الأمر ليس ببعيد عن سايرين.