إرهاب المليشيا وتكتيك الإبرة ..!

بقلم : الباحث الأكاديمي
الدكتور / طاهر موسى الحسن
Tahermusa2010@yahoo.com

الإرهاب لا قبيلة له، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، إلا أن أحداث الخامس عشر أبريل 2023م التي إنطلقت في العاصمة السودانية الخرطوم، تسببت بهزة عنيفة في نظر الكثيرين عن أهداف قيادة قوات الدعم السريع (المليشيا القبيلة)، وأهداف قادتها ومنسوبيها، الذين سوقوا لفكرة (دولة العطاوة) وسيادة عرقهم وجنسهم على غيرهم من القبائل في (دولة 56)، المعروفة بحواكيرها وحدودها وإرثها الثقافي والديني وعاداتها وتقاليدها منذ ظهورها كدولة ذات سيادة .
إستخدمت المليشيا كافة وسائل البطش والتنكيل، لكسر عزة وإرادة الشعب السوداني وإذلاله وإرهابه وإنتهاك عرضه، لتحقيق تلك السيادة المزعومة، دون أن يعتريهم أي شعور بالذنب أو العار، وتجلى قبح إرهاب المليشيا في الجرائم التي إرتكبتها ضد المواطن، بقصفها الأحياء السكنية، وحرقها للأسواق في القرى والأرياف، وقتلها للأسرى بعد أن إرتدى جنودها زي الجيش القومي لتجريمه ، وحصارها للمدنيين كما يحدث في جزيرة توتي، وأسر بعضهم وطلب الفدية من ذويهم لإطلاق سراحهم!!! دعوة المليشيا لإقامة (مملكة الأمير دقلو ..!)، على أنقاض (دولة 56) والشريط النيلي، أمر وجد الإستهجان والإنكار من الشعب السوداني ووحد صف الشعب السوداني ضدهم وضد المرتزقة الذين إستقدمتهم، فساند الشعب قواته المسلحة ذات التركيبة القومية التي تمثل كل السودان .
فقد إستغلت المليشيا اسم القبيلة لتحقيق حلم آل دقلو في ظلم كبير ألحقته بقبيلة الرزيقات العريقة، وكل السودان يعلم أن المليشيا لا تمثلها، كما لا تمثل العطاوة في السودان، إنما يمثل المليشيا كل من إنضم إليها من اللصوص والنهابة وقاطعي الطريق والمستنفرين من المرتزقة من عرب الشتات في دول الجوار، الذين يحلمون بإقامة مملكة دقلو في السودان، حتى تكون نواة دولة العطاوة في تشاد والنيجر ومالي وغيرها .

لم يستوعب المواطن السوداني العادي (غير العسكري) معنى طرده من بيته وتهجيره وسلب ممتلكاته ، وأسره وإختطاف حرائره، وشعارات من يقومون بذلك هي (محاربة الفلول) وإقامة الدولة الديمقراطية والحكم المدني ، والأسئلة الحائرة تتردد على لسانه ولا تجد لها إجابة !!! ما علاقة الشعارات التي تنادي بها المليشيا بإغتصاب حقوقه وسرقته؟ وما تعريف المليشيا وأفرادها لمفردة الفلول أو كلمة الكيزان)؟ وهل تقبع الديمقراطية داخل منزله وهو لا يدري؟ وهو يرى أن كل من لا ينسب إليهم عرقياً يسمى بالكوز أوفلول النظام السابق ..! وهل كل سكان الخرطوم والمساليت في دارفور من الفلول؟ ويستغرب المواطن السوداني العادي (غير العسكري) كثيرا من موقف الحياد الذي يدعيه بعض السياسيين ، في معركة لا تقبل القسمة على إثنين ، إما مع الجيش الوطني الذي يحميه ويجد الأمن والأمان عنده ، أو مع المغتصب واللص الذي يهينه وينتهك كرامته .. مواقف المساندين للتمرد المشينة تدل على إنتهازية بغيضة تجعلهم يضحون بأي شئ مقابل الوصول للحكم، أياً كانت الوسائل لتحقيق هذا الهدف ، حتى وإن كان الركوب على ظهر المليشيا العنصرية والتي من غير شك ستضحي بهم عند تمكنها من السلطة .

لماذا تكتيك الإبرة ؟
مساندة القوات المسلحة لدحر هذا الكابوس، واجب وطني لا حياد عنه، كما أن قيادة القوات المسلحة لمتبقي الفترة الإنتقالية ضرورة قصوى لا بديل عنها ، لضمان وحدة السودان وعدم إنفراط عقده ، ولكن أسئلة الشعب السوداني الصابر المحتسب ما زالت تنتظر إجابات شافية ، بعد أن تمايزت الصفوف ، وإنبلج الحق كالشمس في رابعة النهار .
1/ ما الذي يجعل سياسة وتكتيك الحفر بالإبرة مستمراً بعد أن كسرت القوات المسلحة ظهر التمرد وأهلكت قادته ، وبعثرت قواته ..؟!
2/ لماذا إطالة أمد المعركة وإنهاك الجيش والقوات المقاتلة ، وفقدان الدعم الشعبي والوطني ؟
3/ ما معنى الإبقاء على عناصر متمردة داخل مجلسي السيادة والوزراء وأجهزة ومؤسسات الدولة بالرغم من مواقفهم المعلنة ..؟!.
بالرغم من ذلك ما زال الأمل معقود على القوات المسلحة لإنقاذ البلاد من وهدتها واستعادة كرامتها بعد أن أصبح الشعب ما بين قتيل ومغتصب وجريح وأسير ونازح .
مقترحات للحل.
1/ قفل طرق إمداد القوات المتمردة بقطع الشرايين التي تغذيها، عن طريق ولايات دارفور وكردفان وبعض المناطق المجاورة لولاية الخرطوم كسهول البطانة والجزيرة وغيرها .
2/ الشروع في حملة أمنية مكثفة ، لضرب أوكار حلفاء القوات المتمردة (المعلنين وغير المعلنين)، بجميع ولايات السودان، وغربلة القوات النظامية من أي عناصر متآمرة أو مشكوك في ولائها، ومحاكمة من تثبت إدانهم من العملاء والجواسيس ، والتعامل الحاسم مع المتعاطفين والداعمين للتمرد من السياسيين والصحفيين والناشطين ، خاصة عناصرأحزاب قوى إعلان الحرية والتغيير (قحت) ، التي تحرض على عدم إنهاء الحرب إلا بتسوية ساسية تكون هي طرف فيها، وكذلك بعض القيادات الأهلية بتفعيل القانون تجاههم ومحاسبته ..!.
3/ زيادة قوات الإحتياط المساندة للجيش في كل الولايات، وتأهيلها فنياً لمجابهة الخطاب التعبوي العنصري الداعي لإستهداف إثنيات بعينها، مع نشر الوعي الوطني عبر وسائل الإعلام المختلفة .
4/ توجيه ضربات عسكرية لقوات المتمرد عبد العزيز آدم الحلو، التي تحاول فتح جبهات عسكرية لمساعدة متمردي الدعم السريع، بهجماتها المتكررة على مدينتي كادقلي والدلنج ، وجيوبها في يابوس في النيل الأزرق ، مستغلين نشاط المتمرد جوزيف توكا هناك ، ونظافة جيوب التمرد في مناطق أم روابة والرهد ومدينة الدبيبات ، وودحر التمرد بولاية جنوب دارفور .
5/ كشف دور دولتي الإمارات وتشاد في تقديم الدعم العسكري واللوجستي للقوات المتمردة عبر مطار أم جرس كقاعدة حربية وإستخدام الأراضي التشادية لمدهم بالرجال وإستلام المنهوبات، بقيادة حملة دبلوماسية وتقديم شكوى لمجلس الأمن والإتحاد الأفريقي والإتحاد الأوربي لشرح كل تلك الإنتهاكات .
الإثنين .. التاسع من أكتوبر 2023م

Exit mobile version