مفاوضات جدة .. الصعوبات والتوقعات

الخرطوم الحاكم نيوز

مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام

بإعلان كل من القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ارسال وفديهما للتفاوض بمدينة جدة تكون عملية للتفاوض بين الجانبين قد اخذت طابعاً عملياً … يحاول هذا التقرير أن يقدم اضاءة أولى وقراءة عجلى بين يدى المفاوضات المرتقبة.

اولاً: اطراف التفاوض .. اشكاليات البداية

الطرف الاول: القوات المسلحة .. ثمة خلاف يبدو شكلياً ولكنه مهم فى عملية التفاوض وهو الاسم الرسمي للأطراف ..
الطرف الأول هل هو القوات المسلحة ..أم هى حكومة السودان ..؟
التسمية الأولى غالباً ما تستخدم حينما تحاول وصف النزاع بأنه بين فصلين متنافسين من القوات العسكريه لتمنح الطرف الثاني قوات الدعم السريع صفة الندية والمساواة للقوات المسلحة.
بينما تشير التسمية الثانية (حكومة السودان) الى معنى أشمل يعطى القوات المسلحة شرعيتها الكاملة وهى أنها تقوم بواحبها الدستوري والقانوني بموجب الإختصاص وهو الدفاع عن كينونة الدولة وشرعيتها .
ولذلك فمن المرجح أن يتمسك الطرف الاول بتسميته الرسمية وهو وفد (حكومة جمهورية السودان) .بينما يتوقع أن يعترض الطرف الثاني على شمولية الصفة ويتمسك باسم القوات المسلحة .

الطرف الثاني قوات الدعم السريع وهي فصيل عسكرى إبتدأ اول أمره تابعاً لجهاز الأمن والمخابرات ثم انتقل الى تبعية القوات المسلحة وبموجب إجازة قانون العام 2017أصبح قوة تتبع للقائد العام للقوات المسحة. وبذلك لا خلاف حول التسمية وإنما يبرز الخلاف عند الاشارة الى تبعية هذه القوات إذ يتوقع أن يتمسك الطرف الثاني بما نص عليه الاتفاق الإطاري وهو تبعية قوات الدعم السريع الى رئيس مجلس الوزارء بينما يتوقع أن يتمسك الطرف الأول بالأمر الواقع حتى تاريخ النزاع.

ممثلوا التفاوض .. خلفيات متباينة
يمثل الطرف الاول ..
1.اللواء أبوبكر ابو دقن فقيري ضابط مهني بالقوات المسلحة الدفعة (39)، عمل بمختلف وحدات الدفاع الجوي ..حالياً مدير إدارة العلاقات الخارجية بوزارة الدفاع يحمل درجة الدكتوراة في القانون الدولي.
2.اللواء محجوب .. ضابط قوات الشعب المسلحة الكلية البحرية ..عمل بكل وحدات البحرية .. الان قائد القوات البحرية
3. السفير عمر محمد احمد صديق عمل سفيراً للسودان في الصين ومدير الإدارة العامة للشئون الاوربية والامريكية وسفيراً لدى بريطانيا وجنوب افريقيا ومؤخراً المندوب الدائم للسودان لدى الامم المتحدة .

يمثل الطرف الثاني :
1.العميد عمر حمدان الدفعة 43 قوات مسلحة من ولاية جنوب دارفور قبيلة الهبانية معظم خدمته فى القوات المسلحة فى ادارة المستودعات العامة وسلاح الاسلحة تم انتدابه الى قوات الدعم اليسريع ، عمل قائداً للقطاع بولاية جنوب دارفور وأخيراً برئاسة القوات بالخرطوم .
2.فارس النور المستشار السياسي للدعم السريع .. من الاسماء التى طفت الى السطح بعد احداث ثورة ديسمبر ، وعمل ناشطاً فى تجمع الحرية والتغيير ثم نال صفة المستشار السياسي لقائد الدعم السريع يرأس منظمة مجددون
3. الرائد القوني حمدان موسي دقلو الرجل الثالث فى الدعم السريع والأكثر نفوذاً ،مسئول مشتروات القوات ،عضو هيئة القيادة ،ومدير استثمارات الأسرة ولديه علاقة مباشرة بتصدير الذهب وتربطه علاقات تجارية مع الامارات عبرشركة تراديف المسجلة فى دبي.

جهات الوساطة :
المبادرة الحالية للتفاوض تتم برعاية الخارجية الأمريكية والخارجية السعودية والمعلوم أن الخارجيه الأمريكية شاركت تاريخياً طوال المفاوضات ذات الصلة بالسودان من مفاوضات نيفاشا مع الحركة الشعبية العام 2005 والتى انتهت بإنفصال الجنوب فى العام 2011 ثم اصبحت تشكل حضوراً دائماً في المشهد السوداني بعد ثورة ديسمبر 2019 وهى عضو الآلية الرباعية التى وقفت خلف الإتفاقية الإطارية بين القوى المدنية والعسكرية العام 2023 ..
أما المملكة العربية السعودية فلها تاريخ طويل من العلاقات التاريخية مع السودان بيد أنها ظلت تحتفظ بعلاقات جيدة مع طرفي النزاع في السودان من خلال استقطابهما للمشاركة في تحالف دعم الشرعية والقتال إلى جانبها في اليمن ، والمعلوم أن المملكة العربية السعودية هى التى رعت المفاوضات بين الفرقاء اللبنانيين فى ظروف شبيهة بظروف السودان وإنتهت الى توقيع اتفاقية الطائف 1989 بتعقيداتها المعروفة ومنها بقاء حزب الله كقوة عسكرية موازية للجيش البناني

كروت التفاوض ..اوراق اللعبة
1.يدخل الطرف الحكومي إلى التفاوض وهو يحمل في يديه كروت التفاوض التى تقوي من موقفه وعلى راسها :
• .افشال محاولة الدعم السريع للسيطرة على الحكم في الخرطوم
• التفوق الميداني على الأرض باستثناء اماكن سيطرة قوات الدعم السريع.
• السند الشعبي والجماهيري .
• المشروعية الدستورية والقانونية.
• الإتفاق العام على دمج قوات الدعم السريع فى القوات المسلحة .
• السند القوي من الإتحاد الافريقي والجامعه العربية .
2. قوات الدعم السريع تدخل إلى غرفة التفاوض وبيديها كروتها للضغط وهي :
• السيطرة على اماكن استراتجية داخل الخرطوم ( القصر الجمهورى – المطار – مصفاة البترول – محطات المياه والكهرباء بالخرطوم ).
• سوء الأحوال الانسانية والتعقيدات التى تمارسها قوات الدعم السريع للضغط على الحكومة لتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار.
• إطالة أمد الحرب والصمود في الارض لمدة تقارب الشهر.
• الحلفاء القويين فى المنطقة (حفتر – الامارات العربية المتحدة – فاغنر الروسية ).
• العلاقات الجيدة لحلفائها من قوى الحرية والتغيير بالمجتمع الدولى .

السيناريوهات المتوقعة .. أيهما أقرب
1. التسلسل المعروف في الحالات المشابهة لمثل حالة النزاع في السودان يبدأ بتفاوض غير مباشر للأغراض الانسانية وهذا يتطلب تحديد مواقع القوات المتحاربة لرسم الممرات الإنسانية.. ثم تطوير ذلك إلى اجراءات بناء الثقة بين الطرفين تمهيداً الى وقف إطلاق نار دائم يقود الى تفاوض سياسي.
2. بالنظر الى الشكل المعهود الآن فإن أهم مايمكن أن يشكل خلافاً هو أماكن سيطرة القوات المتحاربة إذ يحاول الطرف الثاني اثبات سيطرته على كامل ولاية الخرطوم عدا مناطق الريف الشمالى امدرمان ومناطق جنوب الخرطوم … في حين يتمسك الطرف الاول بأن قوات الدعم السريع تنتشر فى مسافة لاتتجاوز مساحتها 10 – 15 كلم تمتد بين محليتي شرق النيل والخرطوم .
3. بإزاء ماتقدم فإن رؤية الطرف الحكومي للمفاوضات تتمثل في انسحاب قوات الدعم السريع خارج الخرطوم وربما الى معسكراتها خارج الولاية في الصالحة وسوبا ومنطقة قري وطيبة الحسناب ..
4. أما قوات الدعم السريع فستصر على العودة إلى كل معسكراتها ومقارها قبل اندلاع القتال في 15 ابريل .
5. سيكون الوضع فى الولايات نقطة خلاف أكبر إذ من المعلوم ان القوات المسلحة وضعت يدها على كل معسكرات الدعم السريع بالولايات عدا ولايتى جنوب وغرب دارفور.
6. تظل النقاط الشائكة هى ( تحديد الوجود على الأرض – معسكرات الولايات )
7. السناريو الأقرب والمتوقع هو أن تطرح الوساطة مقترح وقف إطلاق النار مع اخلاء المرافق المدنية ومن ثم نشر مراقبيين دوليين للأشراف على التزام الطرفين بالاتفاق ، واستقدام قوات افريقية وعربية للفصل بين المتحاربين على غرار النموذج الذى تم في جنوب السودان .
مركز الخبراء العرب للخدمات الصحفية ودراسات الرأي العام ، مركز إعلامي ، محايد ، مستقل.

Exit mobile version