أخر الأخبار

(محاكمات رموز الإنقاذ) … مطاردة الساحرات (3)

 

بقلم : إبراهيم عربي

توقفنا في الحلقة الثانية عند التباينات وسط القيادة الجديدة حول المبلغ (سبعة مليون يورو) التي كانت بمقر إقامة الرئيس المعزول والتي سلمها للفريق عبد الرحيم دقو ، قال إنها متبقي مبلغ أرسله له الأمير محمد بن سلمان (خمسة وعشرون مليون يورو) ، وأوضحنا أن البشير قال إنه دفع منها لعدة جهات ، من ضمنها (شركة الجنيد) المحسوبة علي قوات الدعم السريع .

من الواضح أن الضغط الثوري الكبير والمتزايد بساحة القيادة العامة قاد لتغيير المشهد ، وبالتالي برزت عدة عوامل ومستجدات جعلت القيادة الجديدة لأن تتباين مواقفها تجاه الرئيس المعزول رغم تأكيداتها وتعهداتها له كما ذكرنا سابقا ، بناء عليه إختلفت توجهات أعضاء اللجنة حول كيفية التعامل مع الرئيس المخلوع وقد تباينت وجهات نظرهم واختلفت معلوماتهم بشأنه ، وربما منح ضغط الثوار المتواصل قوة دفع جديدة لتواصل الحرية والتغيير (قحت) ضغطها أيضا ، وربما هنالك تدخلات خارجية وربما عوامل داخلية أخري وربما غيرها .

علي كل من الواضح أن اللواء صديق سيد أحمد قد نجح في دق إسفين بين الرئيس المخلوع واللجنة بالتشكك في مصداقية البشير، إذ قال للجنة أن المعلومات المتوفرة لديه أن الأموال الموجود بمقر ضيافة المخلوع أكثر من المبلغ المعلن من قبل البشير ، واستطاع بذلك أن يقنع أعضاء اللجنة الأمنية بأن معلوماته صحيحة وأن الرئيس المعزول ليس صادقا فيما ذهب إليه .

وليس ذلك فحسب بل أكد اللواء صديق مقدرته علي ضبط تلكم المبالغ ، واستطاع بذلك إستصدار أمر تفتيش لمقر إقامة البشير ، وقد أثرت تلكم المعلومات كثيرا في ثقة اعضاء اللجنة في الرئيس المخلوع ، فتقرر حينها تحويله إلى سجن كوبر وفقا لتلك المعلومات التي لعب فيها اللواء صديق دورا كبيرا .

بناء عليه وصل الفريق عبد الرحيم دقلو وبصحبته اللواء صديق الي مقر الرئيس المعزول بالقيادة العامة صباح 18 أبريل 2019 لتنفيذ قرار ترحيله إلي كوبر ، قال البشير في إفاداته التي ادلي بها بأن الفريق عبد الرحيم دقلو دخل عليه حينها وأخبره بأن هناك معلومات تشير إلي مخطط للمعتصمين حول القيادة لإعادة إقتحام المنزل من جديد والنيل منه ، مؤكدا له أنهم لن يسمحوا بحدوث ذلك .

وتابع الرئيس المخلوع في إفاداته قائلا : أن الفريق عبد الرحيم أكد له أن تحويله كوبر جاء خوفا عليه أن تحدث مقاومة من قبل المقتحمين للقيادة العامة ، مما قد يترتب عليها سقوط الكثير من الضحايا ، لذلك قدرت اللجنة الأمنية الموقف بضرورة ترحيله لكوبر لإفشال ذلكم المخطط ولإعطاء المعتصمين رسالة بأن ما جري من إستلام اللجنة الأمنية للسلطة هو تغيير حقيقي وليست مجرد مسرحية ، خاصة بعد أن رفض المعتصمين رئاسة الفريق أول ركن إبن عوف للسلطة الانتقالية .

وأضاف الرئيس المخلوع في إفاداته أن الفريق عبد الرحيم دقلو تعهد له بأن الإجراء مؤقت وقصد منه فقط إمتصاص غضب المعتصمين ، وتعهد بتدبير مقر إقامة آخر له ، وحينها قال البشير إنه قام بتنوير دقلو قبيل مغادرتهم مقر ضيافته لسجن كوبر ،عن الموجودات بداخل المقر ومن ضمنها المبلغ المالي وقال إستلمه دقلو ووضعه داخل حقيبة أخذها معه في ذات العربة التي حملت الرئيس المعزول لسجن كوبر وكان معه بالعربة الفريق عبد الرحيم دقلو واللواء صديق وحقيبة النقود معا .

غير أن المصادر أكدت وقوع خلاف بين اللواء صديق والفريق عبد الرحيم دقلو عقب إيداع الرئيس المعزول سجن كوبر ، حيث أصر اللواء صديق بإعادة شنطة القروش الي منزل الرئيس ، تباينت حينها مواقف كل منهم ولكن (حدث ماحدث) ، ربما ضغوطا وربما تهديدات وربما عوامل أخري ، علي العموم لعبت الخبرة دورها فاستجاب الفريق عبد الرحيم دقلو لرؤية اللواء صديق وأعاد المبلغ لمقر إقامة الرئيس .

ولذلك تمت إعادة المبالغ المالية حيث قامت لجنة التفتيش التي كونها اللواء صديق بإعادة تلكم المبالغ المالية للمنزل وتم تصويرها عبر التلفزيون كما شاهده الكثيرين ، حيث تم إعداد مسرح للجريمة (مدعاة) من طرف واحد واضح إنها تمت بسيناريو وإخراج من اللواء صديق نفسه بشكل درامي جدا ، مع بث سيل من المعلومات نقلتها الوسائط وسط تضارب بصورة مقصودة تفيد بعضها بأن قيمة المضبوطات تتجاوز (المليار) دولار وفي روايات أخرى (مئات) الملايين من الدولارات .

غير أن تحقيقنا الإستقصائي حول الظاهرة وملابساتها ، كشف أنها ليست المرة الأولي فقد جرت العادة لدي أمراء وشيوخ الخليج منح ضيوفهم وأصدقائهم بصرف النظر عن مواقعهم وجنسياتهم مايسمونه (بالمكرمة) في شكل عيني أو نقدي وهو تقليد قديم وراسخ لديهم بل ويتشائمون من رفضها ويعتبرون ذلك إهانة لهم ، وقد كشفت المصادر أن قيادة عسكرية عليا بالجيش تسلمت وقتها مكرمة مالية نقدا (500) ألف دولار فبلغ بها وزير الدفاع الفريق أول عوض بن عوف فوجهه بأخذ نصفها بشكل شخصي وأن يخصص نصفها لعمل الخير لضباطه وأفراد وحدته ممن لديهم ظروف مرضية أو إجتماعية ، علي العموم هي عادات وتقاليد راسخة عند العرب .

وبناء عليه كشفت مصادرنا أيضا عن تلقي قيادات في حكومة الثورة (مدنية وعسكرية) هدايا ومكرمات عينية ونقدية  تماما كما تلقت قيادات في الحرية والتغيير (قحت) أموالا وهدايا من بعض الأمراء في السعودية والإمارات وغيرها ، وكشف وزير التجارة والصناعة السابق مدني عباس مدني ، إنه أعاد ساعة سويسرية قيمة إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء  بعد انتهاء فترة عمله ومغادرته الوزارة ، قال تلقاها هدية أثناء زيارته إلى دولة الإمارات العربية في رحلة عمل رسمية وبالتالي إذا ليست المرة الأولي .

نواصل …

الرادار … الثلاثاء 16 فبراير 2021 .

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى